النائب لا ينفع في صحة الاستنابة ، توضيحه : أنّ المنوب عنه مكلّف بالعبادة ولا تبرأ ذمته إلّا بالاستنابة الصحيحة الواقعية ، والمتيقن من هذا استنابة العادل. فإن قلت : إنّ قوله (عليهالسلام) العاجز عن الحج يستنيب مطلق يشمل استنابة العادل والفاسق. قلت : ليس معنى الاستنابة مجرد أخذ النائب وإيكال الأمر إليه ، بل المراد أنه يجب عليه فعل الحج بنائبه تسبيبا ، فلا بدّ من إحراز الفعل الخارجي الصحيح بمباشرة نائبه إمّا بالعلم أو باختيار العدل واخباره ، ولا ينفع إجراء أصالة الصحة في فعل النائب في احراز هذا المعنى (١).
قوله : لكن يبقى الإشكال في استيجار الولي (٢).
ظاهر كلامه هذا اجداء أصالة الصحة في فعل النائب في إثبات صحة الفعل من حيث كونه عمل الميت ، وهو مناف لما ذكره في سابقه من أنه لا يجدي إلّا من حيث إثبات الصحة من حيث كونه عملا للنائب ، ثم إنّ الاستشكال من حيث كون العمل للولي ممّا لا وجه له بعد تسليم فراغ ذمة الميت بأصالة الصحة فإنه فرعه ،
__________________
(١) أقول : إنّا لا نعقل من فعل المكلّف ما أمر به من العمل بنائبه إلّا فعل النائب ذلك العمل بعنوان النيابة عنه صحيحا بعد استنابته إيّاه ، ويتوقّف ذلك على تحقق الاستنابة الصحيحة وفعل النائب ، وأن يكون الفعل بداعي النيابة ، وأن يكون صحيحا ، أمّا الاستنابة فمتحقّق بالوجدان وصحتها بالنسبة إلى النائب الفاسق ثابتة باطلاق دليل الاستنابة ، وكذا فعل النائب محرز إمّا بالوجدان أو باخباره إن اعتبرناه ، وكذا قصده النيابة يثبت إمّا بالعلم به أو باخباره ؛ ولا يبقى إلّا وصف صحة العمل الذي هو الفعل المنسوب إلى المستنيب بالتسبيب ، فأيّ مانع لاثبات الصحة باجراء أصالة الصحة في فعل النائب الذي هو فعل المنوب بعينه ، ودعوى لزوم إحراز وصف الصحة بالعلم هنا من حيث كون العمل فعلا للمنوب عنه لا بالأصل خال عن الشاهد.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٣٧٠.