الموضوعية بالإجماع. لأنّا نقول العبرة بعموم لفظ الدليل في لحاظ التعارض لا ما يبقى تحت عموم الدليل بعد تقديم بعض المعارضات وتخصيص العموم به ، فإنّ جميع المعارضات في عرض واحد يلاحظ نسبة كل واحد منها إلى عموم العام على ما تقرّر في محله.
فإن قلت : لو قدّم أدلة جميع الاصول على دليل القرعة وخصص بها يبقى عموم دليل القرعة بلا مورد أو منحصرا في مورد لا يجري فيه أصل من الاصول وهو نادر بالنسبة إلى عمومه.
قلت : لا نسلّم ندرة الباقي تحت العموم ، فإنّ جميع موارد التخيير باق تحت العموم وهي كثيرة. لا يقال : إنّ التخيير أيضا من الاصول ودليله أخص من دليل القرعة ، فإذا قدّم عليه وخصص عموم دليل القرعة به يبقى العموم بلا مورد. لأنّا نقول : أمّا التخيير الشرعي فلم يثبت في الشبهات الموضوعية التي محل العمل بالقرعة ، وأمّا التخيير العقلي فلا يعارض دليل القرعة ، لأنّ العقل لا يحكم بالتخيير إلّا فيما لم يكن في المورد أمارة شرعية واقعية أو ظاهرية وهو واضح.
وهناك وجهان آخران لتقديم الاصول على القرعة ، أحدهما : ما في العوائد (١) والعناوين (٢) وغيرهما من أنّ المراد من قوله (عليهالسلام) «كل أمر مجهول ففيه القرعة» (٣) أنّ كل أمر لم يرد من الشارع ما يعمل به فيه ففيه القرعة. وبعبارة اخرى كل أمر مجهول واقعا وظاهرا ففيه القرعة ، فلا يشمل موارد الاصول لأنّها غير مجهولة بهذا المعنى ، وعلى هذا فأدلة الاصول واردة على دليل القرعة.
__________________
(١) عوائد الأيام : ٦٦٠ ـ ٦٦٢.
(٢) العناوين ١ : ٣٥٢ ـ ٣٦٠.
(٣) الوسائل ٢٧ : ٢٥٩ / أبواب كيفية الحكم ب ١٣ ح ١١.