سواء كانا متوافقين أم متخالفين ، ولكنّا قد ذكرنا عليه هناك إمكان جريان الأصلين المتوافقين ومنعنا حكومة أحدهما على الآخر في هذه الصورة ، وعليه لا مانع من الترجيح فتأمل.
قوله : وقد تقدم نظير ذلك في الشبهة المحصورة الخ (١).
وقد تقدم منّا دفعه في الشبهة المحصورة من أنّ العلم بالحرمة الذي جعل غاية للحكم بالحلّية هو العلم بالحرمة تفصيلا بحيث يرتفع به الشك ويصير المشكوك معلوما ، لا العلم الاجمالي الذي يحدث منه الشك ، وهكذا نقول فيما نحن فيه إنّ المراد من نقض اليقين باليقين على الخلاف نقضه بيقين متعلق بعين ما شك فيه بأن يرتفع به الشك ، فينحصر هذا المعنى في اليقين التفصيلي على الخلاف ، ولا يشمل اليقين الاجمالي الذي هو منشأ الشك وإلّا لزم الحكم بالتساقط في الصورة الثالثة التي جزم في المتن بالعمل بكلا الاستصحابين فيها كمن توضّأ بمائع مردد بين الماء والبول ، لأنّ العلم الاجمالي بخلاف الحالة السابقة في أحد المستصحبين حاصل فيه أيضا كما لا يخفى ، وكذا يلزم الحكم بالتساقط فيما إذا كانت الحالة السابقة في الإناءين النجاسة مع أنهم لا يلتزمون به بل يقولون بجريان الأصلين فيه.
فالتحقيق في المسألة أنّ الأصلين يسقطان فيما كان هناك علم اجمالي بتكليف إلزامي منجّز بحيث يلزم من العمل بالأصلين طرح ذلك التكليف ، فلأجل امتثال ذلك التكليف والقطع بموافقته لا بدّ أن لا يعمل بواحد من الأصلين من باب المقدّمة العلمية ، ولذا لا يسقط الأصلان عند كون الإناءين مسبوقين بالنجاسة وطهر أحدهما ، فإنّ العلم الاجمالي بطهارة أحدهما لا يوجب تكليفا ملزما يسقط
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٤١٠.