المالك احترام ماله بالتمليك المجاني ، وأصالة عدم الاجارة لنفي أثرها وهو اشتغال ذمة الراكب بالعوض المسمّى ، وتبقى أصالة احترام مال المالك فيحكم باجرة المثل بعد التداعي وإقامة البيّنة من الجانبين أو حلفهما ، وحكم ما إذا أقام أحدهما البيّنة أو حلف دون الآخر واضح.
ومنها : ما إذا اختلف الراهن والمرتهن في العين المرهونة فقال الراهن إنّها الجارية وقال المرتهن إنّها العبد ، فبناء على ما نسب إلى المشهور من أنّ إنكار البيع والرهن يكون فسخا لهما ، كما أنّ إنكار الطلاق رجوع على ما في الخبر يكون مثالا لما نحن فيه ، لأنّ أصالة عدم كون العبد مرهونا له أثر هو نفي اللزوم على الراهن ، وأمّا أصالة عدم كون الجارية مرهونة فلا أثر لها ، لأنّ العقد جائز من طرف المرتهن ، فبدعواه عدمه انفسخ الرهن لو كان عليها في الواقع.
قوله : ولك أن تقول بتساقط الأصلين في هذه المقامات (١).
لم نعرف وجها للقول بتساقط الأصلين في هذه المقامات مع عدم جريان الأصل في أحد الطرفين بملاحظة عدم الأثر ، ولا أظن أنه رجع (رحمهالله) عن هذا التحقيق الذي قد أصرّ عليه في اصوله وبنى عليه جملة من الفروع في فقهه ، ثم لم نعرف الفرق بين أصالة الطهارة في كل من واجدي المني وبين الاصول الجارية في سائر الأمثلة ، فإن كان الأصل سالما من الجهات الأخر في واجدي المني كان في مرحلة التعارض والتساقط كسائر الاصول.
قوله : والعلماء وإن كان ظاهرهم الاتّفاق على عدم وجوب الفحص (٢).
قد ذكرنا في رسالة أصل البراءة شطرا من الكلام في الفحص في مجاري
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٤١٤.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٤١٥.