وجدانا. وبالجملة يقدّم الوارد على المورود مطلقا من غير ملاحظة الترجيح وهو من باب التخصص ولا يحتاج التقديم إلى برهان.
ومنها : باب الحكومة وهي على ما عرّفه المصنف أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي ناظرا إلى الآخر وشارحا ومفسّرا له ، وأنّ المراد منه ما عدا ما يفيده الدليل الحاكم فإنه وإن كان مرجعه في اللب إلى التخصيص أو التقييد إلّا أنه بغير الملاك الذي يحكم بالتقييد والتخصيص في باب التعارض ، فإنّ ذلك في باب التعارض بحكم العقل وفي باب الحكومة بحكم اللفظ ، سواء كان ذلك مدلولا له أو يفهم من سياقه.
واعلم أنه قد يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الآخر قصدا من المتكلّم في مقام شرحه وتفسيره ، وليسمّ حكومة قصدية كما في حكومة أدلة الحرج والضرر على أدلة الأحكام مثل أن يقال إنّ قوله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) معناه أنّ الأحكام المجعولة في الدين لم يجعل ما كان من أفرادها حرجا على المكلّف ، وأمّا لو قيل إنّ معناه أنه لم يجعل في الدين حكم حرجي مطلقا فيكون في عرض سائر أدلة الأحكام ناظرا إلى الواقع ، ويعارض أدلة الأحكام بالعموم من وجه وليس حكومة في البين.
وقد يكون أحدهما ناظرا إلى الآخر قهرا بأن يكون ثبوت حكمه مستلزما لرفع حكم الآخر ، وليسمّ حكومة قهرية كما في حكومة بعض الاصول على بعضها الآخر وحكومة الأدلة الاجتهادية على الاصول العملية إن جعلنا تقديمها عليها من باب الحكومة ، فإنّ استصحاب طهارة الماء المغسول به الثوب النجس مستلزم لطهارة الثوب ورفع نجاسته فيقدّم على استصحاب نجاسة الثوب ، لأنّ الشك فيها
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٧٨.