وإن كان موجودا إلّا أنه منزّل منزلة العدم بحكم استصحاب طهارة الماء ، وكذا ورود الدليل الاجتهادي في وجوب شيء مثلا مستلزم لرفع الحكم المجعول للشاك في الوجوب فكأنه قال : لا تشك في الوجوب واعلم بوجوبه ، ولمّا كان توجيه الحكومة القصدية في الأدلة بالنسبة إلى الاصول بعيدا في الغاية حملناها على القهرية ، وسيأتي تمام البيان.
واعلم أيضا أنه قد يكون الدليل الحاكم يرفع الحكم بلسان رفع الحكم كما في أدلة الحرج بالنسبة إلى أدلة الأحكام ، وقد يكون يرفع الحكم بلسان رفع الموضوع كما في مثل استصحاب فسق زيد بالنسبة إلى قوله أكرم العدول.
ثم اعلم أيضا أنه قد يكون الحاكم في المعنى مخصصا للمحكوم كالأمثلة المذكورة ، وقد يكون معمّما له كاستصحاب عدالة زيد مثلا بالنسبة إلى قوله أكرم العدول فإنه لو لم يكن هذا الحاكم لم يحكم بوجوب إكرام زيد.
واعلم أيضا أنّ الحاكم قد يقتضي التصرف في نفس الدليل المحكوم وقد يقتضي التصرف في مقتضى المحكوم مثلا قوله (عليهالسلام) «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» (١) حاكم على أدلة أجزاء وشرائط الصلاة ، لكن يحتمل أن يراد منه أنّ كل ما جعل جزءا أو شرطا للصلاة قد ارتفع حال السهو ، فتكون الأجزاء والشرائط ما عدا الخمسة علمية ، وعلى هذا قد تصرف في نفس أدلة الأجزاء والشرائط وقيد إطلاقها بغير حال السهو ، ويحتمل أن يراد منها مجرد عدم الاعادة التي كانت أثرا للشرطية المطلقة والجزئية المطلقة ، فتكون الصلاة الخالية عن الجزء أو الشرط المنسيين صلاة ناقصة إلّا أنّ الشارع رتّب عليها أثر الصلاة التامة وهو عدم الاعادة.
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٣٤ / أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٤.