مدلوله يكون الخاص مخصصا له ، ومن حيث وجوب البناء على عمومه بدليل بناء العقلاء الذي يعبّر عنه بأصالة العموم يكون الخاص حاكما أو واردا عليه فافهم.
وقد أورد بعض المحققين (١) على ما بيّنه المصنف من الحكومة والورود على التقديرين ، بأنه لا وجه للحكومة على تقدير أن تكون أصالة العموم من باب أصالة عدم القرينة ، لأنّ أصالة العموم ليست من الاصول بل من الأمارات والطرق كالأدلة الاجتهادية ، ولا حكومة بين الطرق إلّا أن يكون بعضها ناظرا بلسانه إلى البعض الآخر وشارحا له كأدلة الضرر والحرج بالنسبة إلى عموم أدلة التكاليف وليس كذلك فيما نحن فيه ، وكذا لا وجه للورود على تقدير كون أصالة العموم من باب الظن النوعي ، إذ كما أنّ دليل حجية الظن المذكور مقيّد بصورة عدم وجود الظن المعتبر على خلافه كذلك دليل حجية الأمارة أيضا مقيّد بصورة عدم وجود معارض لها ، فهما متماثلان في ذلك فلا ورود لأحدهما على الآخر.
قال : والتحقيق في وجه تقديم الأدلة الاجتهادية على الاصول اللفظية أنّ دليل حجية الاصول اللفظية ليس إلّا الإجماع ، وهو دليل لبّي لا عموم له ولا إطلاق ، فإن شك في شيء من أفراد الأصل يقتصر على المتيقن ، وهذا بخلاف أدلة حجية الأمارات فإنها ليست بخارج من عموم ألفاظ الكتاب والسنّة أو إطلاقها ، ففي موضع الشك يؤخذ بعمومها أو إطلاقها ويرفع به الشك ، فعند تعارض أصالة العموم والدليل الاجتهادي يقدّم الدليل لعموم دليل حجيته وعدم عموم دليل حجية الأصل ، ودعوى أنّ دليل حجية الأصل هو بناء العقلاء وهو عام كأدلة حجية الأمارات ، مدفوعة بأنّ بناء العقلاء إنما يكون حجة فيما إذا لم يثبت
__________________
(١) وهو ميرزا حبيب الله الرشتي (طاب ثراه) [بدائع الأفكار : ٤١١ ـ ٤١٢].