من التساقط والتخيير العقلي أو الشرعي أو الترجيح العقلي أو التعبّدي.
ثم لا يخفى أنّ الجمع لا ينحصر في التخصيص بل أعم منه ومن التقييد والمجاز والنسخ والاضمار كل بحسب ما يقتضيه مورده ، بل الحمل على التقية أيضا من وجوه الجمع لو فرض كون أحد المتعارضين موافقا للعامة فإنه كما يمكن الجمع بحمل أحد المتعارضين على الضرورة من غير جهة التقية والآخر على حال الاختيار ، كذلك يجمع بحمل ما يوافق العامة على التقية فإنها من أفراد الضرورة وأي ضرورة أعظم منها.
قوله : واستدل عليه تارة (١).
قد عرفت أنّ الظاهر من كلماتهم أنّ محل الكلام في الظنيين ، إلّا أنّ قاعدة الجمع كما تجري في الظنيين كذلك تجري في القطعيين والمختلفين ، ولنتكلّم أوّلا في القطعيين فنقول : لا إشكال في وجوب الجمع إذا أمكن الجمع العرفي ، وفي حكمه الجمع بشاهد ، وأمّا في غيرهما فإن كان المعنى التأويلي الذي يحصل به الجمع متحدا لا يحتمل غيره يجب الأخذ به ، لأنّ المفروض قطعية السند لا يمكن طرحه والدلالة منحصرة بعد عدم إمكان أخذ الظاهرين ، والمناقشة بأنه يمكن أن يكون وجه صدور هذا الكلام من المعصوم مصلحة اخرى غير إفادة معنى كالتقية ونحوها ، مدفوعة بأنّ هذا الاحتمال قائم في جميع الأدلة اللفظية ولا يعتد به أهل المحاورة أبدا ، وإن كان المعنى التأويلي متعددا وكان واحد منهما أقرب من الباقي فلا يبعد الأخذ به أيضا وهو من باب تقديم أقرب المجازات ، نعم لو كان الكل متساويا لا ترجيح بينها يحكم بالإجمال ، وهل الحكم حينئذ في مقام العمل التخيير أو التساقط والرجوع إلى الأصل؟ وجهان ، أقربهما الثاني ، هذا.
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٢٠.