وفي النفس في القسمين الأوّلين شيء من قبل المناقشة التي ذكرناها ، لأنّا نعلم أنّ المتكلّم قد خالف بناء العقلاء في طريق المحاورة ، إمّا بعدم كونه في كلامه هذا بصدد بيان معنى أصلا بل تكلّم لغرض آخر ، وإمّا بأنه قصد بيان مراده بغير الطريق المتداول عند أهل المحاورة من تفهيم مقاصدهم بظواهر الألفاظ المعروفة المألوفة ، وأحدهما ليس بأولى من الآخر فيجب التوقّف ، فليتأمّل.
ثم إنه هل يحكم بنفي الثالث في صورة التردد بين المعنيين والحكم بالإجمال؟ وجهان مبنيان على كون الأصل فيه التخيير مستندا إلى كون حجية الظواهر كلية من باب التعبّد ولمّا لم يمكن في الفرض الأخذ بكلا الظاهرين جاء التخيير ، فلا ريب في دلالتهما على نفي الثالث لعدم التعارض من هذه الجهة ، أو كون الأصل التساقط مستندا إلى أنّ حجية الظواهر من باب الإجماع والسيرة أو بناء العقلاء ، وعلى التقديرين يكون القدر المتيقن منه غير صورة المعارضة ، وعليه فلا دليل على نفي الثالث. ودعوى أنه لا تعارض بين الدليلين من حيث كونهما دالّين على نفي الثالث فيجب الأخذ بهما في هذا القدر من المدلول ، مدفوعة بأنّ الأخذ بالمدلول التضمّني أو الالتزامي فرع الأخذ بالمدلول المطابقي فلا اعتداد بهما عند طرحه.
لكنّ التحقيق أن يحكم بنفي الثالث بأخذ القدر الجامع بين الظاهرين وإن حكمنا بطرح الظاهرين ، ومثله غير عزيز في أدلة الأحكام الظاهرية ، ألا ترى أنه لو ادّعى زوجية امرأته وأنكرتها المرأة يحكم بنفوذ إقراره على نفسه بوجوب الانفاق عليها عليه وحرمة تزويج اخت المرأة والخامسة ويحكم بحرمة تمكين المرأة منه وجواز نكاحها من غيره وهكذا ، وبالجملة يحكم بتحقق الزوجية بالنسبة إلى آثار وعدم تحققها بالنسبة إلى آثار أخر ، وكذا يحكم بثبوت السرقة بشاهد ويمين بالنسبة إلى المال وعدم ثبوتها بالنسبة إلى قطع اليد ، وكذا لو باع