وجوب إكرام عدول العلماء ظاهر في وجوب إكرام فسّاقهم ، وذلك لعدم جواز إخراج مورد السؤال عن العموم ، وورد أيضا لا تكرم العلماء في جواب السؤال عن فسّاق العلماء فإنه نص في حرمة إكرام فسّاق العلماء ظاهر في حرمة إكرام عدولهم ، فيحكم نص كل منهما على ظاهر الآخر ، وربما يجعل من هذا القبيل قوله (عليهالسلام) «ثمن العذرة سحت» (١) و «لا بأس ببيع العذرة» (٢) فإنّ القدر المتيقن من الأول عذرة الانسان فهو نص فيها أو مطلق غير المأكول ، ومن الثاني عذرة المأكول فهو نص فيها أيضا ، فيقدّم كل منهما بالنسبة إلى ما هو نص فيه على الآخر بالنسبة إلى ما هو ظاهر فيه ، وفيه نظر لأنّ القدر المتيقن الخارجي لا يصير منشأ لقوة الدلالة من حيث اللفظ ، وهذا بخلاف المثال الذي ذكرنا فإنّ كون العام جوابا للسؤال المذكور يجعله نصا فيما ذكر بالدلالة اللفظية كما لا يخفى.
قيل إنه يجب الجمع بين قوله أكرم العلماء ولا تكرم العلماء بحمل الأول على عدولهم ، والثاني على فسّاقهم مطلقا وإن لم يكن هناك قرينة السؤال المذكور ، وذلك بحكم العقل بملاحظة مناسبة الحكم والموضوع فإنّ العدالة مناسبة لحكم وجوب الاكرام والفسق لحرمة الاكرام.
وفيه : أنّ أمثال هذه الامور استحسانات عقلية لا توجب دلالة لفظية بحيث يفهمها أهل العرف من محض دلالة الألفاظ ، وبالجملة لا إشكال في وجوب الجمع إذا ساعده فهم العرف بأحد الوجوه الأربعة المذكورة ، وإنما الإشكال والخلاف في الجمع بمعنى الحمل على المعنى التأويلي الذي لا يساعده العرف سواء كان المعنى التأويلي متحدا أم متعددا ، كان بعضها أقرب من الباقي أو لم
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ١ (باختلاف يسير).
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٥ / أبواب ما يكتسب به ب ٤٠ ح ٣.