فإن قلت : قد ذكرت في القطعيين أنه يؤخذ بالمعنى التأويلي إن كان متحدا وعلى فرض التعدد أيضا يحكم بارادة أحدهما وينفى به الثالث ، ولازم ذلك أن تقول هنا أيضا بأخذ المعنى التأويلي ، لأنّ دليل حجية المتعارضين يجعلهما كالقطعيين تنزيلا. وبعبارة اخرى القطع الشرعي حكمه حكم القطع الوجداني بالنسبة إلى الأمر المقطوع به.
قلت : إنّما قلنا بالأخذ بالمعنى التأويلي في القطعيين لأجل حصول القطع بالمراد وليس وراء عبّادان قرية ، لا من جهة أنه يستفاد من اللفظ ويفهم منه عرفا ، ومن المعلوم أنّ القطع الوجداني بالمراد الواقعي غير موجود فيما نحن فيه ، فلا وجه لوجوب الأخذ بالمعنى التأويلي ، فحال ما نحن فيه حال النصّين المتعارضين القطعيين فنذره في سنبله ونردّ فهمه إلى الإمام (عليهالسلام) (١).
قوله : فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء (٢).
يمكن حمل كلام العوالي على الجمع العرفي أو بشاهد ، ونحوهما مما ذكرنا من أقسام الجمع المقبول دون الجمع بالتأويل ، ويشهد له دعواه الإجماع عليه
__________________
(١) أقول : فيه بحث وهو أنّ الأخذ بالمعنى التأويلي في القطعيين إنما هو من جهة كون القطع بصدورهما حاكما بارادة المعنى التأويلي من اللفظ وكونه قرينة عقلية قطعية على المراد ، فإذا تعبّدنا الشارع بالحكم بصدور المتعارضين وصارا كالقطعيين بحكم الشارع يلزم الأخذ بلازمه أعني إرادة المعنى التأويلي وهو المدّعى ، لكن قد عرفت أنّ هذا مع قطع النظر عن الأخبار العلاجية وإلّا فبمقتضاها يتعيّن طرح أحدهما معيّنا عند الترجيح ومخيّرا عند عدمه.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ١٩.