وإلّا فيبعد كل البعد أن يدّعي الإجماع على خلاف ما اتّفق العلماء عليه ما عدا نادر يحتمل توجيه كلامه إلى ما لا يخالف كلام الباقين فتدبّر.
قوله : لاستحالة الترجيح من غير مرجّح (١).
الظاهر كما قيل إنّ هذا التعليل مستدرك في هذا الدليل ، لأنه إذا كان الأصل في الدليلين بمقتضى عموم أدلة الحجية الإعمال ينتج ما أراده المستدل من وجوب الجمع ، ويمكن توجيهه إمّا بأنه أراد أن يستند للأصل المذكور إلى هذا التعليل دون عموم أدلة حجية مطلق الدليل كما ذكرنا ، وإمّا بأنه أراد دفع احتمال طرح أحدهما ، وحاصل الدليل على هذا أنّ الأصل في الدليلين هو الإعمال ، ولمّا لم يمكن بظاهرهما ودار الأمر بين طرح أحدهما رأسا أو الجمع بينهما تعيّن الثاني وإلّا فعلى الأول يلزم الترجيح من غير مرجح.
ويرد على الأول : أنه يحتمل طرح كليهما أو الأخذ بأحدهما تخييرا فلا يلزم الترجيح بلا مرجح ، وعلى الثاني أيضا أنه يحتمل الأخذ بأحدهما تخييرا.
قوله : واخرى بأنّ دلالة اللفظ على تمام معناه أصلية وعلى جزئه تبعية (٢).
لم يتعرّض المصنف للجواب عن هذا الدليل ولعلّه لوضوح فساده ، أمّا أوّلا : فلأنّ ظاهر هذا الدليل هو الجمع العملي مع أنّ المدّعى الجمع الدلالي ، وذلك لأنّ ظاهره أنّ في الجمع طرح بعض المدلول والأخذ ببعضه ، مع أنّ مقتضى الجمع الدلالي هو حمل اللفظ على خلاف ظاهره مجازا ، ويكون ذلك تمام مدلوله ، ويكون الأخذ به أخذا بتمام المدلول دون بعضه.
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٢٠.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ٢٠.