قوله : إلّا أنّ الأخبار المستفيضة بل المتواترة قد دلّت على عدم التساقط (١).
كون الطوائف الثلاث من الأخبار المشار إليها بالغة حدّ التواتر في محل المنع ، وأولى بالمنع كون خصوص أخبار التخيير متواترا على ما سيذكره في المتن ، نعم كونها مستفيضة ظاهر لا سترة فيه. ولا يخفى أنّ الأولى والأظهر في بيان المطلب أن يقال إنّ أخبار التخيير تنفي التساقط ولا يعارضها أخبار التوقف وكذا مرفوعة زرارة لما سيأتي ، مع أنها لا تنافيها أيضا من حيث الدلالة على نفي التساقط ، فافهم.
قوله : من حيث إنّ التوقّف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل (٢).
نمنع الاستلزام المذكور ، بل التوقف في الفتوى الذي يراد منه عدم تعيين الواقع بأحد الخبرين يجامع كون حكم العمل هو الرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما أو مطلق الأصل ولو كان مخالفا لهما. وبالجملة : لا وجه لدعوى كون أخبار التوقف نافية للتساقط بل لعلّها دالة على التساقط ، لأنّ لازم التوقف عدم الأخذ بواحد من المتعارضين.
ثم إنّ تشبيه ما تعارض فيه النصّان بعد ورود الأمر بالتوقّف المستلزم للاحتياط بما لا نصّ فيه غريب ، لأنه لا يقول فيه بالاحتياط جزما بل ولا غيره ما عدا الأخباريين في الشبهة التحريمية هذا ، مع أنّا لو سلّمنا أنه يستفاد من الأمر
__________________
إثباته بالأصل ولم يعلم من حالهم أنهم يطرحون الاصول المتعارضة بالمرة حتى بالنسبة إلى اللازم المشترك الشرعي فتدبّر.
(١) فرائد الاصول ٤ : ٣٩.
(٢) فرائد الاصول ٤ : ٤٠.