امور واقعية متحقّقة موجودة بعد انشائها ، علمها المكلّف فتتنجّز عليه أو جهلها ، نعم لمّا كان الشكّ مأخوذا في موضوع الأحكام الظاهرية المعبّر عنها بالاصول فلا تشمل الغافل لمكان عدم تحقّق الموضوع لا لأجل نقصان مرتبة من مراتب الحكم ، وهذا بخلاف الأمارات فإنّ خبر الواحد موضوع واقعي يثبت له حكمه من وجوب الاتّباع علم أو جهل كما في لا تشرب الخمر.
فإن قلت : إنّ الأمارات والطرق المجعولة أيضا كالاصول في أنّها أحكام حال الجهل بالواقع والشكّ والتحيّر وإلّا فالعالم ليس موضوعا لحكم الأمارة بالضرورة ، فإذن يختصّ حكمها بغير الغافل كما في الاصول.
قلت : فرق بين أن يجعل الحكم معلّقا على موضوع الشكّ وبين جعل الطريق في حال الشكّ وعدم العلم ، ولأجل التمسّك به عند الشكّ وعدم العلم وجعله وسيلة إلى الظفر بالواقع ، فإنّ الطريق كخبر الواحد مثلا موجود وثابت الطريقية بالجعل المذكور سواء علم بالخبر وعلم طريقيته أو كان كلّ منهما مغفولا عنه.
قوله : نعم هذا الشكّ اللاحق يوجب الاعادة بحكم استصحاب عدم الطهارة لو لا الخ (١).
أورد عليه بأنّ هذا إنّما يتمّ على القول بحجّية الأصل المثبت الذي لا نقول به ، لأنّ ترتّب وجوب الاعادة على استصحاب عدم الطهارة الجاري بعد العمل ليس إلّا بواسطة عقلية وهي وقوع الصلاة حال الحدث اللازم لعدم الطهارة ، ولا يرد مثل ذلك بالنسبة إلى جريان استصحاب عدم الطهارة الجاري قبل الصلاة لو حدث الشكّ قبلها ، لأنّ الاستصحاب الجاري قبل الصلاة وإن كان كالجاري
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٥.