أن نعمل بأحدهما ، قال : خذ بما فيه خلاف العامّة» (١) وهذا الخبر وإن لم يتعرّض لحكم التخيير أصلا إلّا أنه لمّا جعل فيه حكم الترجيح مشروطا بضرورة العمل علمنا أنّ حكم التخيير المتأخر عنه في الرتبة أولى بذلك.
وفيه : أنّ هذا الخبر غير معمول به بالنسبة إلى مدلوله وهو حين وجود المرجح فكيف يؤخذ بلازمه ، لأنّ الترجيح مقدّم على الاحتياط أو التوقف والتخيير اتّفاقا وقد قدّم التوقّف فيه على الترجيح ، فإمّا أن يطرح أو يحمل على ما قبل الفحص.
واختار بعض مشايخنا المحققين وجها ثامنا للجمع ، وقد جمع بين ثلاثة من الوجوه المتقدمة ، فحمل أخبار التخيير على التخيير في زمان الغيبة في حق الله من حيث العمل ، وأخبار التوقف على التوقف في زمان الحضور في حق الناس من حيث الفتوى ، وذلك لأنّ المقبولة خاصة بحق الناس فهي أخص مطلقا من مطلقات التخيير فنقيّدها بحقوق الله ، وسائر مطلقات التوقف أظهر من أخبار التخيير في زمان الحضور وهي أظهر في زمان الغيبة من حيث إنّها القدر المتيقن منها فيؤخذ بأظهرية كل في مقابل الظاهر من الآخر ، وكذا بالنسبة إلى الفتوى والعمل فإنّ أخبار التوقف أظهر في التوقف من حيث الفتوى وأخبار التخيير أظهر في التخيير من حيث العمل ، ثم أورد على نفسه سؤالا وأجاب عنه لا يهمّنا التعرض له وإنما الغرض الاشارة ، ولعلّك تعرف ما في هذا الجمع ممّا ذكرنا في الوجوه المتقدمة ، ونزيدك هاهنا أيضا فنقول :
إنّ ملاك الجمع المذكور أظهرية كل من الطرفين أو نصّيته مطلقا أو في الجملة ، فاللازم الجمع بين أزيد من الجموع الثلاثة ، إذ يمكن أن يقال إنّ أخبار
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٢٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٢.