المتعارضين في مناط الحجية حتى يحكم بالتخيير ، ولكن الأقوى مع ذلك هو الحكم بالتخيير بضميمة أصالة عدم المرجح الكذائي. لا يقال إنّ الأصل لا يثبت التساوي الواقعي بين المتعارضين حتى يحكم العقل بالتخيير بناء على عدم حجية الاصول المثبتة. لأنّا نقول : ليس موضوع حكم العقل خصوص المساواة الواقعية بل أعم منه ومن المساواة بحكم الشارع ظاهرا تعبّدا ، بل يمكن أن يقال إنّ موضوع حكم العقل أعم من ذلك أيضا بدعوى أنّ موضوعه مطلق ما لم يعلم مرجحا لأحد المتعارضين على الآخر فلا يحتاج إلى إجراء الأصل لاحراز وصف التساوي فافهم.
قوله : وفيه : أنّ الظاهر خروج مثل هذه المعارضات (١).
يمكن تقريب الاستدلال بوجه لا يتوجه إليه هذا الجواب وهو أن يعلّل اختلال نظام الفقه بوجود الأخبار المتعارضة في أكثر المسائل ، إذ قلّما مسألة من المسائل الخلافية لا يوجد فيها الأخبار المتعارضة في جميع أبواب الفقه وانتظامها إنما هو بالترجيحات كما لا يخفى ، هذا.
وربما يستدل على أصالة وجوب الترجيح بوجوه أخر ، منها : أنّ وجوب الأخذ بأحد المتعارضين ثابت وباب العلم بتعيّنه منسدّ فيجب بحكم العقل تعيينه بالظن الحاصل من المرجحات ، فكما أنّ دليل الانسداد يثبت أصل حجية الأخبار كذلك يثبت حجية الظن في مقام الترجيح في الخبرين المتعارضين.
وفيه أوّلا : أنّ المقدّمة الاولى من مقدّمات دليل الانسداد وهو العلم الاجمالي بثبوت أصل التكليف غير ثابتة هنا ، إذ لو اريد بالتكليف فيما نحن فيه التكليف بالحكم الفرعي فعدم كونه معلوما واضح ، لاحتمال كذب كلا الخبرين
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٥٤.