وكون الحكم في الواقع مخالفا لهما ، وإن اريد التكليف بوجوب الأخذ بالحجة الشرعية فيما بين الخبرين المتعارضين فليس في هذا المقام واقع مجهول يجب تعيينه ، لأنّ كلا منهما متصف بما اتّصف به الآخر فهما سواء في الحجية الشأنية بالفرض.
وثانيا : أنّ الرجوع إلى الأصل هنا لا محذور فيه من طرح العلم أو الخروج من الدين ونحو ذلك ممّا يلزم من العمل بالأصل في الأحكام الشرعية المنسدّ فيها باب العلم. وبعبارة اخرى المقدّمة الثانية من مقدّمات دليل الانسداد أيضا غير ثابتة هنا ، وذلك لأنّ الأصل هنا مطابق لأحد الخبرين غالبا.
ومنها : أنه يلزم على تقدير عدم الترجيح بالمرجحات والأخذ بغير الراجح ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا. ولا يخفى أنّ هذا الوجه أحد الوجوه العقلية التي استدل به على حجية الظن مطلقا ، وقد مر مع أجوبته مفصّلا في رسالة الظن في المتن فراجع.
ومنها : أنّ بناء العقلاء على الترجيح عند تعارض الأمارات كتعارض المقوّم والخارص ونحوهما فيقدّمون الأرجح ، وهذا الوجه يشبه الوجه السابق أو هو هو وجوابه جوابه.
قوله : بمنع بطلان التالي وأنه يقدّم شهادة الأربعة على الاثنين (١).
الترجيح بالأعدلية والأكثرية بالعدد في تعارض البيّنات قد أفتوا به في بعض الصور ، وهو ما إذا لم يكن المدّعى به في يد المتداعيين بل في يد ثالث أو لا يد لأحد عليه ، وذلك لأجل نصوص خاصة بالصورة المذكورة ولم يقل أحد بالترجيح في غيرها سوى ما حكي عن الاسكافي ، فيعلم أنّ الترجيح عندهم
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٥٤.