قوله : فحكم ذلك كالمتباينين لأنّ مجموع الخاصّين مباين للعام (١).
اعلم أنه لو كان العام في الفرض المذكور قطعي السند كالكتاب مثلا يرجع الأمر إلى تعارض الخاصين بملاحظة عدم جواز طرح العام بالمرّة فلا محيص عن الأخذ به في الجملة ، إلّا أنه لا يلزم من الأخذ به طرح كلا الخاصين ، بل يكفي طرح أحدهما لا على التعيين ولا وجه لطرح سند الآخر فيلزم أن يخصص العام بأحدهما معيّنا أو مخيّرا ويطرح الآخر ، وهذا نظير تعارض الأصلين في الشبهة المحصورة وغيرها بملاحظة العلم الاجمالي ، ولو فرض كون أحد الخاصين في الفرض المذكور قطعي السند فلا بدّ أن يعمل به ويبقى التعارض بين الخاص الآخر والعام كالمتباينين ، إذ ما يمكن أن يراد من العام ليس إلّا مورد ذلك الخاص فيعمل بأرجحهما إن كان هناك مرجح أو يحكم بالتخيير إن لم يكن.
وأمّا إذا كان العام والخاصان جميعا من الأدلة الظنية كأخبار الآحاد فهو مفروض المتن. وربما يتوهم هنا أيضا وقوع التعارض بين الخاصين بملاحظة وجوب التعبّد بسند العام ، وهو في غير محلّه ، لأنّ الجميع ظنّي السند فلا وجه لتقديم العام من غير مرجح ، وحينئذ نقول إن كان سند الخاصين جميعا أقوى من العام يطرح العام ، وإن كان سند العام أقوى منهما يقدّم العام ويطرح الخاصّان كما هو ظاهر المتن.
والتحقيق أن يقال إنّه لمّا كان التعارض إنّما حصل بسبب اجتماع الأخبار الثلاثة العام والخاصين وإلّا فلا تعارض بين كل اثنين منها ، وكان علاج هذا التعارض يحصل بطرح واحد منها ، لا جرم كان مرجع هذا التعارض إلى تعارض العام مع أحد الخاصين بملاحظة وجود الخاص الآخر ، وذلك لأنّ أحد الخاصين ممّا
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ١٠٣.