قوله : وهو غير معلوم إلّا بعد نفي احتمال مخصص آخر ولو بأصالة عدمه (١).
التحقيق كما مرّ غير مرّة أنّ إثبات الظهور فيما نحن فيه بل مطلقا غير محتاج إلى إحراز عدم مخصص آخر ولو بالأصل ، لأنّ لفظ العام في نفسه ظاهر من الأول في العموم من غير حاجة إلى ضميمة أصالة عدم المخصص ، ضرورة كون الوضع بنفسه كافيا في تحققه ، وبعد تخصيصه بمخصص متصل أو إجماع مثلا يكون ظاهرا في تمام الباقي أيضا ، وهذا الظهور مستند أيضا إلى الوضع بضميمة الدليل المخصص.
توضيحه : أنّ مدلول العام بحسب وضعه جميع أفراد جنس المدلول بحيث يكون ظاهرا في إرادته عند عدم المخصص ، وكلّما خص بمخصص ارتفع ظهوره بالنسبة إلى مورد ذلك المخصص وبقي ظاهرا في الباقي من غير حاجة إلى إجراء أصالة عدم مخصص آخر كما كان كذلك في أول الأمر قبل التخصيص ، ودعوى أنه بعد ارتفاع ظهوره بهذا التخصيص يحتاج في انعقاد ظهور آخر له في تمام الباقي إلى إحراز عدم مخصص أخر له ولو بالأصل ، مدفوعة بأنّ رفع اليد عن الظهور إنما هو بقدر الخارج عنه بالمخصص ، وأمّا بالنسبة إلى غير المخرج فظهوره بعد باق بحاله.
ثم لو سلّمنا الحاجة إلى إحراز عدم مخصص آخر في إثبات الظهور في تمام الباقي فلا بدّ من العلم به ولا يكفي فيه أصالة عدمه ، لأنه إن اريد من الأصل المذكور استصحاب العدم تعبّدا شرعيا فلا ريب أنّ الأصل التعبّدي لا يوجب الظهور ، وإن اريد منه الأصل العقلائي كما صرّح به جماعة فمع أنه لا معنى للتعبّد
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ١٠٤.