عند العقلاء فيما يرجع إلى حكمهم ، إذ مع وجود المقتضي للحكم كالظن النوعي أو الشخصي مثلا حكموا به وإلّا فلا يحكمون بشيء فيه ، أنّ البناء على العدم في طريقتهم مخالف للوجدان ، أترى أنهم فيما انسدّ فيه باب العلم ككون السفر الفلاني مشتملا على النفع وعدم الخطر أم لا ، إذا حصل لهم الظن بحصول النفع والسلامة يجرون أوّلا أصالة عدم الضرر وعدم الخطر ويبنون عليه ثم يحكمون بمتابعة الظن ، كلّا بل يبنون على متابعة الظن من أول الأمر ، نعم حكمهم بمتابعة الظن في قوة عدم الاعتناء باحتمال الخلاف ، فإن اريد من أصالة عدم المعارض والمزاحم هذا المقدار فلا نزاع فافهم واغتنم.
قوله : وأصالة عدم المخصص الآخر غير جارية مع وجود المخصص اللفظي (١).
لو كانت أصالة عدم المخصص جارية في حدّ نفسها لا مانع من جريانها هنا ، أمّا بالنسبة إلى احتمال مخصص غير هذا المخصص اللفظي الذي محل الكلام فواضح ، وأمّا بالنسبة إلى احتمال التخصيص بهذا المخصص الذي لوحظ بوصف أنه معارض فلا مانع أيضا ، لأنّ كلا من المتعارضين إنّما يلاحظ مع قطع النظر عن وجود ما يعارضه ويؤخذ ظهوره ثم ينظر إلى حال التعارض ، وإلّا يلزم أن يكون المتعارضان مجملين في كل مقام ، لاحتمال كون معارضه مخصصا له أو قرينة على صرفه عن ظاهره.
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ١٠٤.