الكلام في قوة قوله الضمان منحصر في الدرهم والدينار في أحد الخبرين والضمان منحصر في الذهب والفضة في الخبر الآخر ، ولا ريب أنّ مقتضى الحصر الأول نفي الضمان في مثل الحلي ، ولا ينافيه الحصر الثاني لأنّ مقتضاه لا يزيد عن نفي الضمان في غير الذهب والفضة كالثوب ، وأمّا إثبات الضمان في جميع أفراد الذهب والفضة إن كان فهو من باب الاطلاق الذي لا ينهض في قبال الحصر الأول المصرّح بنفي الضمان في الحلي ، وهذا نظير قوله لا يصح الاعتكاف إلّا في المسجد مع قوله لا يصح الاعتكاف إلّا في المسجد الجامع فبمقتضى الحصر الثاني يحكم بعدم صحة الاعتكاف في سائر المساجد ، ولا ينافيه الحصر الأول فتدبّر.
ثالثها : ما نسب إلى المشهور وقواه في المسالك (١) بما في المتن من إخراج مطلق الذهب والفضة عن عموم نفي الضمان في العارية ، ولا ينافيه إخراج الدرهم والدينار في الخبر الآخر لأنه بعض أفراده ، وقوّاه صاحب الجواهر (٢) وبالغ في تضعيف الوجهين الأوّلين سيّما الوجه الأول حتى سمّاه بالمغالطة فراجع ، ولعلّك ممّا ذكرنا عرفت أنّ أحد الأولين أقوى فليتأمّل.
قوله : قدّم ما حقه التقديم ثم لوحظ النسبة مع باقي المعارضات (٣).
لا يخفى أنّ ما ذكره هنا مناف لما حققه في أول المسألة في بيان ما اورد على ما ذكره المحقق النراقي من انقلاب النسبة ، من أنه إنما يلاحظ النسبة بين المتعارضات باعتبار ظواهرها في حدّ أنفسها مع قطع النظر عن مدلولاتها الحاصلة باعتبار علاج التعارض بالنسبة إلى بعضها ، والحق ما ذكره هناك وحينئذ
__________________
(١) المسالك ٥ : ١٥٥ ـ ١٥٨.
(٢) الجواهر ٢٧ : ١٨٤ ـ ١٨٧.
(٣) فرائد الاصول ٤ : ١١١.