منه شيء ينفعنا في أحكامنا ، وإن حمل على التورية قد نستفيد منه حكما شرعيا كما إذا كان المعنى التأويلي متحدا معيّنا وحينئذ يجب حمله عليه ويكون دليلا على ذلك الحكم ، وكذا إذا كان المعنى التأويلي متعددا محصورا فيحكم بثبوت أحد محتملاته ويثمر لنا نفي ما عداها ، وفيه نظر لأنّ الحمل على المعنى التأويلي ولو كان واحدا معينا يتوقّف على ثبوت كونه حكما شرعيا وإلّا فلا يمكن إثباته بهذا الدليل ، مثلا لو فرض أنه صدر عن الإمام (عليهالسلام) الأمر بشيء تقية وظاهره الوجوب وهو غير مراد بالفرض وفرض أنّ معناه التأويلي منحصر في الندب فلا نحكم باستحباب ذلك الشيء بمجرد هذا الأمر ، إذ لعلّه لم يكن في الواقع مستحبا فلا محل لارادة المعنى التأويلي لأنه كذب أيضا كالوجوب الذي كان الأمر ظاهرا فيه ، ولا وجه للعدول من كذب إلى كذب آخر ، والحاصل أنّ احتمال ثبوت المعنى التأويلي لا يصحح حمل الكلام عليه ، بل يجب العلم بثبوته من دليل آخر وحينئذ انتفت الثمرة.
ومما ذكرنا ظهر أنّ حكم بعضهم باستحباب الوضوء بعد الرعاف والقيء ونحوهما تمسكا بما ورد تقية من الأمر بالوضوء عند حدوث أحد المذكورات ممّا لا وجه له ، نعم لو فرضنا أنّ المتكلّم لم يكن مضطرا إلى أصل التكلّم بذلك الكلام بل كان له السكوت بلا فوت مصلحة ومع ذلك ألقى هذا الكلام الذي ظاهره موافق للعامة وعلم عدم إرادته ، فحينئذ لا بدّ أن يريد به معنى تأويلي وإلّا كان لاغيا ، فإذا كان المعنى التأويلي متحدا يحمل عليه وإذا كان متعددا بين امور محصورة ينفى به غيرها كما ذكره القائل.
ثم إنّ الحق أنّ التورية بمعنى إلقاء الكلام وإرادة خلاف ظاهره صدق يدلّ عليه مضافا إلى جملة من الأخبار الدالة بظاهرها على ذلك وسيأتي بعضها ، أنّ العمومات المخصصة بمخصصات منفصلة والمطلقات المقيّدة بمقيّدات منفصلة