واحدا ممتدّا من زمان اليقين الأوّل إلى زمان اليقين بالخلاف ، وهذا بخلاف القسم الثاني فإنّ اعتبار الشارع وجعله لمّا كان تابعا لجعل غيره ومقدّرا بمقداره ودائرا مداره لا يمكن تعميمه بلسان الاستصحاب.
مثلا إذا قال المولى لعبده أو الوالد لولده اجتنب عن مجالسة الفاسق وعلم المأمور بذلك وتبعه أمر الشارع بوجوب الاطاعة فصار ما أمره به واجبا شرعيا ثمّ شكّ في بقاء أمر الوالد أو المولى فيما بعد زمان العلم أو شكّ في بقاء فسق زيد الفاسق في الزمان الأوّل باليقين ، فلا يمكن تسرية الحكم إلى زمان الشكّ بدليل الاستصحاب ، لأنّ المفروض أنّ حكم الشارع يدور مدار حكم الوالد أو المولى وحكمهما في الفرض مشكوك ، نعم لو فرض أنّ للمولى والوالد أيضا حكما آخر على العبد والولد بوجوب إبقاء ما كان كما هو كذلك في حكم الشارع ، وصار المشكوك فيه باقيا بحكم المولى أو الوالد ، يتبعه حكم الشارع أيضا بالبقاء ويصير واجبا شرعيا مثلا ، لا بالاستصحاب الشرعي بل بالخطاب الأوّلي بوجوب إطاعة المولى أو الوالد ، ومثل هذا الكلام يجري بالنسبة إلى جملة من القواعد الفقهية كقاعدة الميسور ، وقد أشرنا إليه في رسالة أصل البراءة فإنّه لو أمر الوالد مثلا بمركّب تعذّر بعض أجزائه لا يمكن إثبات وجوب باقي الأجزاء بقاعدة الميسور ، لأنّ قاعدة الميسور متكفّلة لتوسيع دائرة مطلوبات الشارع الابتدائية لا التبعية بعين التقريب المذكور ، وكقاعدة البراءة فإنّها غير جارية بالنسبة إلى الشكّ في الأجزاء والشرائط للمركّب الذي أمر به الوالد ، وكقاعدة الفراغ والتجاوز بالنسبة إلى الشكّ في إتيان بعض الأجزاء المعلومة في المركّب المذكور أو شرطه كذلك ، وكبدلية التيمّم للوضوء أو الغسل الواجب بالنذر والعهد واليمين عند تعذّر استعمال الماء ، فإنّ حكم الشارع بوجوب الوفاء بالنذر يقتضي تبعية حكمه لجعل الناذر ، والناذر إنّما تعلّق نذره بالطهارة المائية دون الترابية ، ومن قبيل ما نحن فيه