النفسي ، وحيث إنّ هذا باطل على ما بيّن في محلّه فالتورية باطلة ، بل عند الاضطرار لا بدّ من الكذب وهو جائز عند الضرورة انتهى.
وفيه : ما لا يخفى أمّا أولا : فلأنّا نمنع أنّ الاستعمال لا يتحقق إلّا إذا كان لغرض التفهيم ، إذ لو كان كذلك لزم أن يكون قول القائل عند عدم مخاطب له سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله غير كلام ، وكذا إذا كان هناك مخاطب غير فاهم ، مع أنه لا ريب في كون المذكور كلاما وصادقا لو كان الكلام خبرا مطابقا للواقع.
وأمّا ثانيا : فلأنّ القضية المعقولة التي تصوّرها ليس من الكلام النفسي المتنازع فيه بين الأشاعرة والمعتزلة البتة لأنه أمر معقول بالبديهة فكيف يحمل نزاع القوم في معقولية الكلام النفسي على هذا الأمر البديهي.
وأمّا ثالثا : فلأنّ مجرد مقارنة كلام نفسي مطابق للواقع للكلام اللفظي لا يكفي في اتّصاف الكلام اللفظي بالصدق عندهم ، بل يختص بما إذا كان ذلك الكلام النفسي مدلولا ومرادا من اللفظ ، وحيث لم يستعمل اللفظ فيه يكون أجنبيا بالنسبة إليه.
ثم إنّ المعاصر المذكور حاول توجيه الأخبار الظاهرة في أنّ التورية ليست بكذب منها : ما عن مستطرفات السرائر قال «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) الرجل يستأذن عليه يقول للجارية قولي ليس هو هاهنا ، فقال (عليهالسلام) لا بأس ليس بكذب» (١) بدعوى أنّ المراد الاشارة إلى موضع خاص من البيت فيكون من التورية ، أجاب بأنّ المراد أنه ليس بمحرّم لأنه مجوّز للضرورة. وفيه : أنّ ظاهر الخبر نفي موضوع الكذب لا حكمه.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٢٥٤ / أبواب أحكام العشرة ب ١٤١ ح ٨ ، السرائر ٣ : ٦٣٢.