بعد انكشاف الحال أمّا في صورة الغفلة فيتصوّر بما سبق في وجه معذورية الجاهل بالقصر والاتمام والجهر والاخفات من أنّ الصلاة الناقصة المأتي بها مشتملة على معظم مصالح المأمور به فاكتفى الشارع بها بدلا عن المأمور به لعدم إمكان إدراك المصلحة التامّة بعد ذلك ، وأمّا في صورة الالتفات واستصحاب الطهارة فلاقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء ، ولذا لا يحكم بالصحّة وعدم الاعادة لو كان مستصحب النجاسة ، ولو كان الشرط علميا اقتضى الصحّة فيه أيضا لعدم العلم بالنجاسة.
وقد يورد على الموضع الأوّل من محلّ الاستدلال بالرواية : بأنّه منطبق على قاعدة اليقين والشكّ الساري ، بدعوى أنّ المراد من اليقين في قوله : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك» هو اليقين بالطهارة حال الصلاة بحمل قوله «فنظرت فيه فلم أر شيئا» على اليقين بعدم الاصابة ، ثمّ لمّا رآه بعد الصلاة شك في وجوده حال الصلاة ، أو علم بوجوده على المعنيين اللذين احتملهما في المتن ، فيستفاد من التعليل وكلّية الكبرى أنّ من تيقّن بشيء يجب عليه ترتيب أثر المتيقّن بعد زوال اليقين به وحصول الشك.
وفيه : أنّ الظاهر إرادة اليقين السابق على الظنّ بالاصابة ، إذ لا شاهد في الرواية على ما ذكر من أنّه لمّا نظر فلم ير شيئا تيقّن بالطهارة وعدم الاصابة بل هو مجرّد احتمال.
تذنيب : قيل إنّه يستفاد من هذه الرواية قواعد كثيرة ولنذكر عدّة منها ، منها حجّية الاستصحاب. ومنها : صحّة عبادة الجاهل بالموضوع. ومنها : قاعدة الإجزاء للأوامر الظاهرية. ومنها : عدم وجوب الفحص في الموضوعات يستفاد من قوله «هل عليّ أن انظر فيه؟ قال لا» ومنها : حكومة الاستصحاب على قاعدة الطهارة مع التوافق لأنّه علّل عدم الاعادة باستصحاب الطهارة دون قاعدتها.