امّا الامر الاوّل فلا شكّ في انّ العلم الاجمالي حجّة بذلك المقدار ، لانّه مهما تصوّرناه فهو مشتمل حتما على علم تفصيلي بالجامع بين التكليفين ، فيكون (١) مدخلا لهذا الجامع في دائرة حقّ الطاعة. امّا على رأينا في سعة هذه الدائرة فواضح ، وامّا على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان فلأنّ العلم الاجمالي يستبطن انكشافا تفصيليا تامّا للجامع بين التكليفين ، فيخرج هذا الجامع عن دائرة قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وامّا الامر الثاني (٢) فقد ذكر المشهور انّ الترخيص الشرعي في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي [بتركهما معا] غير معقول ، لانّها معصية قبيحة بحكم العقل ، فالترخيص فيها يناقض حكم العقل ، ويكون ترخيصا في القبيح وهو محال.
وهذا البيان غير متّجه (٣) ، لاننا عرفنا سابقا ان مردّ حكم العقل بقبح المعصية ووجوب الامتثال الى حكمه بحق الطاعة للمولى ، وهذا حكم
__________________
(١) اي فيكون هذا العلم مدخلا ..
(٢) اي على مستوى إمكان الترخيص الشرعي في ترك كلتا الصلاتين.
(٣) مورد كلام المشهور يغاير مورد كلام السيد الشهيد وانّ كليهما لصحيحان. امّا مورد كلام المشهور فهو انّه يستحيل ان يأتي ترخيص في تكليف معيّن ويبقى حقّ الطاعة ثابتا في هذا التكليف ، وذلك لان هذا الترخيص إن كان واقعيا فسنقع في التناقض في الاحكام الواقعية ، وان كان ظاهريا فلأنّ القاطع لن يتأثّر به لانّه يرى نفسه عالما والحكم الظاهري شرطه الشك. اما مورد كلام السيد الشهيد رحمهالله فهو انّ الترخيص ممكن لكنه مشروط بان يرفع المولى حقّ الطاعة في مورد الترخيص لئلّا نقع في التناقض او اللغوية ، كما اسلفنا قبل بضعة اسطر.