معلّق على عدم ورود الترخيص الجادّ من المولى في المخالفة. فاذا جاء الترخيص ارتفع موضوع الحكم العقلي ، فلا تكون المخالفة القطعية قبيحة عقلا. وعلى هذا فالبحث ينبغي ان ينصبّ على انّه : هل يعقل ورود الترخيص الجادّ من قبل المولى على نحو يتلائم مع ثبوت الاحكام الواقعية؟
والجواب انّه معقول ، لانّ الجامع وان كان معلوما ، ولكن اذا افترضنا ان الملاكات الاقتضائية للاباحة كانت بدرجة من الاهميّة (١) تستدعي لضمان الحفاظ عليها الترخيص حتى في المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال ، فمن المعقول ان يصدر من المولى هذا الترخيص ، ويكون ترخيصا ظاهريا بروحه وجوهره ، لانّه ليس حكما حقيقيا ناشئا من مبادئ في متعلقه ، بل خطابا طريقيا من اجل ضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائية للاباحة الواقعية. وعلى هذا الاساس لا يحصل تناف بين الترخيص وبين التكليف [الالزامي] المعلوم بالاجمال ، إذ ليس للترخيص مبادئ خاصّة به في مقابل مبادئ الاحكام الواقعية ليكون منافيا للتكليف المعلوم بالاجمال.
فان قيل ما الفرق بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي؟ اذ تقدّم انّ الترخيص الطريقي في مخالفة التكليف المعلوم تفصيلا مستحيل ، وليس العلم الاجمالي إلّا علما تفصيليا بالجامع.
__________________
(١) كما اذا غلب عدد الاحكام الترخيصية على عدد الاحكام الالزامية كثرة رأى من خلالها الشارع انّ تشريع البراءة فيها للتسهيل على الناس اهم من تشريع الاحتياط حفاظا على بعض ملاكات الاحكام الالزامية.