كان الجواب على ذلك انّ العالم بالتكليف بالعلم التفصيلي لا يرى التزامه بعلمه مفوّتا للملاكات الاقتضائية للاباحة ، لانّه قاطع بعدمها (١) في مورد علمه ، والترخيص الطريقي انّما ينشأ من اجل الحفاظ على تلك الملاكات ، وهذا يعني انّه يرى عدم توجّه ذلك الترخيص اليه جدّا ، وهذا خلافا للقاطع في موارد العلم الاجمالي ، فانّه يرى ان الزامه بترك المخالفة القطعية قد يعني الزامه بفعل المباح لكي لا تتحقّق المخالفة القطعيّة [للمباح](٢). وعلى هذا الأساس يتقبّل توجّه ترخيص جادّ اليه من قبل المولى في كلا الطرفين لضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائيّة للاباحة.
ويبقى بعد ذلك سؤال إثباتي وهو : هل ورد الترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي؟ وهل يمكن اثبات ذلك باطلاق ادلّة الاصول؟
والجواب هو النفي ، لانّ ذلك يعني افتراض اهمية الغرض الترخيصي من الغرض الالزامي حتّى في حالة العلم بالالزام ووصوله اجمالا او مساواته له على الاقلّ. وهو وان كان افتراضا معقولا ثبوتا ، ولكنّه على خلاف الارتكاز العقلائي ، لانّ الغالب في الاغراض العقلائيّة عدم بلوغ الاغراض الترخيصيّة الى تلك المرتبة. وهذا الارتكاز بنفسه يكون قرينة لبّيّة متصلة على تقييد اطلاق ادلة الاصول (٣) ، وبذلك نثبت حرمة
__________________
(١) اي لانّه قاطع بعدم وجود ملاكات تقتضي الاباحة في مورد علمه بالتكليف الالزامي.
(٢) الاولى ان يقول «التزامه بجواز المخالفة القطعية قد يعني التزامه».
(٣) ذكر ذلك السيد الشهيد في بحوثه ج ٥ ، ص ١٨١ ، بيان المطلب : اذا