__________________
قد لا يجرون الاصول المؤمّنة في كثير من الموارد حتّى ولو كانت من الشبهات البدوية ويستهجنونها كما إذا علمنا بوقوع قطرة من أحد إناءين احدهما نجس في اناء وظننّا قويا انها وقعت من الاناء النجس فانّ العقلاء في هذه الحالة وامثالها يستهجنون من هذا الحكم مع أنّه متّفق عليه عند اصحابنا ظاهرا ، بل لا إشكال فيه.
هذا ولكن جريا على عادة اصحابنا قد نستعمل لفظة «الارتكاز العقلائي» في ابحاث العلم الاجمالي ونقصد بها ارتكاز المتشرّعة ، والامر سهل.
(هذا) كله في الشبهات الموضوعية التحريمية ، وأمّا في الشبهات الموضوعية الوجوبية ففيها وجهان لا نتعرّض لهما لندرة حصولها ، ومن شاء فليراجع المطوّلات.
(وأمّا) في الشبهات الحكمية فلا يجري الترخيص بوجه سواء كانت هذه الشبهات وجوبية كالشك في وجوب الظهر او الجمعة بسبب التعارض في الادلّة ، ام تحريميّة كما لو علمنا بحرمة أكل النخاع ، وفرضنا حصول تردّد عندنا في معنى النخاع وانه هل هو الخيط الابيض الممتدّ داخل العمود الفقري (كما هو الصحيح والمتسالم عليه) أو انّه ـ مثلا ـ هو ما في جوف العظام ـ دون العمود الفقري ـ (ووجه) عدم جريان الترخيص فيهما :
اولا : عدم وجود دليل على الترخيص فيهما ، امّا في الشبهات الوجوبية فواضح ، وأمّا في الشبهات التحريمية فلعدم شمول ادلّة الحلّ لها ، وذلك لانّ مورد ادلّة الحل هي الشبهات الموضوعية ، وهذا واضح من أدلته ، فلسان ادلّة الحل هو كالتالي «كل شيء فيه حلال وحرام ...» وهذا إن لم يكن صريحا في الشبهات الموضوعية فلا أقل من انصرافها إليها.
ثانيا : فيتعيّن الرجوع الى قوله تعالى : (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا) ، فانّه يدل بمفهومه الغائي على تنجّز التكليف ووجوب الاحتياط عند تبيين الرسول الاعظم صلىاللهعليهوسلم للاحكام ، والمفروض انه صلىاللهعليهوسلم ـ في موارد العلم الاجمالي هذه ـ قد بلّغ واوصل إلينا الّا انه لاسباب ما اختلطت الاحكام ، وليس من وظيفة الشارع المقدّس ـ مع عدم أهميّة الحكم في نظره ـ رفع التعارضات ، ولذلك يجب الاحتياط على ضوء هذه