اساس ما ذكره المحقق النائيني من تفسير ، فانّه فسّر ذلك بنحو يتناسب مع مبناه في التمييز بين الامارات والاصول ، وقد مرّ بنا سابقا انّه قدّس الله روحه يميّز بين الامارات والاصول بنوع المجعول (١) والمنشأ في ادلة حجيتها ، فضابط الامارة عنده كون مفاد دليل حجيّتها جعل الطريقية والعلميّة ، وضابط الاصل كون دليله خاليا من هذا المفاد ، وعلى هذا
__________________
(١) كثيرا ما يعبّر في هذه المسألة بتعبير ان المجعول في باب الامارات هو المنجّزية والمعذّرية او الطريقية أو غير ذلك ، والمجعول في الاصول هو مثلا الجري العملي ، فيقولون «جعل الله تعالى الامارات منجزة ومعذّرة» او «اعتبرها طريقا الى الواقع» ونحو ذلك وبما أنّ آثار القطع الوجداني هي ١ ـ خصيصته الصفتية وهي حالة سكون النفس وعدم شكّها و ٢ ـ طريقيته وانكشاف الواقع به ، و ٣ ـ محرّكيته نحو المطلوب ، و ٤ ـ منجّزيته على العالم ومعذريته له ، فبعضهم يقول ان الشارع المقدّس قد اعطى للامارات الخصائص الاربعة كالمحقق النائيني ، ومنهم من يقول انه تعالى أعطى الخصائص الثانية والثالثة والرابعة كاكثر علمائنا ... ولذلك يختصرون التعبير فيقولون المجعول هي الطريقية مثلا او المنجزية والمعذرية.
ومنشأ هذه الأقوال هو كيفية ادلة الحجيّة من ظهور بعض الاخبار في اعتبار من قامت عنده الامارة عارفا كما ورد «من نظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا ...» ، وعالما كما في قوله عليهالسلام «ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا ...» وغيرها ، فقد يقال كالمحقق النائيني إنه يستفاد من هذه الاخبار والسيرة الممضاة انّ الله تعالى نزّل الامارة منزلة القطع بكل خصوصياته حتى خصوصية الصفتية ، فتقوم الامارة مقام القطع الصفتي ، وبعضهم لا يستفيدون الطريقية هذه ، وانما يستفيدون تلك الخصائص الثلاثة فقط كاكثر علمائنا.