الحريق فان ذلك لا يبرّر سقوط الخبر الآخر عن الحجية ، لان افتراض عدم صحّة الخبر [الثاني](١) يتضمّن اشتباها وراء الاشتباه الذي علم.
__________________
(١) عود على بدء : إنّ منشأ هذه المسألة هو انه قد يحصل احيانا تعارض بين مدلولين مطابقيين لامارتين ـ كما ذكرنا في بداية البحث عند بيان مقالة المحقق النائيني ـ مع اتفاقهما في المدلول الالتزامي ، ومع عدم العلم بصدق احدهما لا بنحو التفصيل ولا بنحو الاجمال(* ١) ، ومع فرض عدم امكان الجمع العرفي بين المدلولين المطابقيين ، ففي هذه الحالة اختلف الاصوليون في امكان القول بقول ثالث يخالف هاتين الروايتين المتعارضتين. فاذا دلّ دليل على وجوب شيء وآخر على استحبابه فهل يصحّ الالتزام بحكم ثالث بعد تساقط الدليلين ولو للاصل ، فيحكم مثلا بعدم الحرمة لاصالة عدم الوجوب وعدم الحرمة او لا؟
ذهب المشهور كالمحقق النائيني وصاحب الكفاية الى امكان الالتزام بنفي الثالث وذهب آخرون ـ كالسيد الخوئي والسيد الشهيد وهو الحق ـ الى عدم امكان الالتزام بنفي الثالث بدليل ان نكتة الحجية وملاكها في الاخبار والحكاية انما هو اصالة عدم الكذب والاشتباه ، فاذا سقطت الدلالة المطابقية بظهور خطئها سقطت مداليلها اللازمة لهذا الخبر ، إذ اننا لم نعلم بهذه اللوازم الّا من جهة هذا الخبر والمفروض انه خبر كاذب او خاطئ*٢.
__________________
(* ١) لانه مع العلم التفصيلي بصدق احدهما المعين يؤخذ بخبره دون الآخر ، ومع العلم بصدق احدهما بنحو الاجمال ـ اي احدهما لا على نحو التعيين ـ يجب الاحتياط بينهما مع الامكان وينفى اللازم الذي هو في المثال السابق «حرمة الحضور الى صلاة الجمعة».
(* ٢) في الختام يحسن ان نقول كلمة موجزة وهي اننا حينما نرى ان الدليل على حجيّة خبر