من مسلك جعل الطريقية ، فهو يقول : إنّ مفاد دليل الحجية جعل الامارة علما ، وبهذا يكون حاكما على دليل الحكم الشرعي المرتب على القطع ، لانه يوجد فردا جعليا وتعبديا لموضوعه فيسري حكمه إليه (١).
غير انك عرفت في بحث التعارض من الحلقة السابقة ان الدليل الحاكم انما يكون حاكما اذا كان ناظرا الى الدليل المحكوم ، ودليل الحجية لم يثبت كونه ناظرا الى احكام القطع الموضوعي ، وانما المعلوم فيه نظره الى تنجيز الاحكام الواقعية المشكوكة خاصّة اذا كان دليل الحجية للامارة هو السيرة العقلائية (٢) ، إذ لا انتشار للقطع الموضوعي (٣)
__________________
(١) وعليه فحينما يوجد دليل نقلي يقول إذا علمت بخمرية مائع فاجتنبه ، فأنت حينما سمعت من امارة حجة ان هذا المائع خمر ستكون عالما بنظر المولى تعالى ، وسيعتبر الله تعالى انه قد تحقّق موضوع «إذا علمت بخمرية مائع فاجتنبه».
(٢) اشارة الى وجود دليل آخر عند المحقق النائيني (قده) على صحّة مسلك الطريقية كمقبولة عمر بن حنظلة ومعتبرة ابي خديجة اللتين تعتبران الفقيه ـ رغم ان أكثر فتاواه تعتمد على الامارات ـ عالما عارفا.
وعلى أيّ حال فاذا كان الدليل على حجية الامارة هي السيرة العقلائية الممضاة فانّ العقلاء لا يعتبرون الامارة إلا منجّزا ومعذّرا فقط ، ولذلك لن تقوم الامارة مقام القطع الموضوعي الصفتي.
(٣) اي بما هو قطع وكاشف تام.
ومراده (قده) ان دليل حجية الامارة هو السيرة العقلائية على ما ذكر ذلك في بحوثه ج ٤ ، ص ٨٠ عند ما قال «ان مهم دليل الحجيّة عندنا هو السيرة العقلائية ، فانّ اهم الامارات في الشبهات الحكمية الظهور وخبر الثقة ، ومن الواضح ان مهم الدليل على حجيتهما السيرة العقلائية ، وامّا الادلة