ولبيان الحقّ في هذه المسألة ينبغي التفصيل فيها فنقول :
اوّلا : إنّ بحثنا هذا ليس ناظرا الى الألفاظ التي كانت متداولة قبل الاسلام كأكثر ألفاظ المعاملات والايقاعات والتي استعملها الشارع في نفس معانيها كألفاظ البيع والاجارة والهبة ونحوها ، ولم يتدخل الشارع في هذا المجال إلا في تنظيم هذه الماهيات كاضافة بعض الشرائط عليها ليتحقّق البيع مثلا ، ولذلك قلنا في بداية هذه المسألة إن بحثنا في ألفاظ الماهيات المخترعة.
ثانيا : ينبغي التفصيل بين الألفاظ التي نعلم انها كانت موضوعة لماهيات شرعية في الاديان السابقة التي كانت موجودة في الجزيرة العربية الشبيهة ولو اجمالا للماهيات الشرعية الاسلامية وبين ما لا نعلم بها. وفي هذا المجال يقول السيد الشهيد رحمهالله (١) «ان كثيرا من تلك المعاني الشرعية كانت بنفس هذه الأسماء قبل الاسلام فيكون المعنى واللفظ كلاهما قديمين ، فالحجّ مثلا وما فيه من مناسك وآداب كان معروفا ومعهودا قبل الاسلام (٢) حتّى سمّيت السنة في اللغة بالحجّة ، و
__________________
(١) في بحوثه ج ١ ص ١٨٣.
(٢) قال تعالى : (وأذّن فى النّاس بالحجّ يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق (٢٧) لّيشهدوا منفع لهم ويذكروا اسم الله فى أيّام مّعلومت على ما رزقهم مّن بهيمة الأنعم فكلوا منها وأطعموا البآئس الفقير (٢٨) ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق (٢٩) ذلك ومن يعظّم حرمت الله فهو خير لّه عند ربّه وأحلّت لكم الأنعم إلّا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرّجس من الأوثن واجتنبوا قول الزّور) سورة الحج.