وتحقيق الحال في المسألة يوافيك في بحث أعلى إن شاء الله تعالى (١).
التنبيه الثالث : اذا لاحظنا متعلّق النهي في «لا تكذب» ومتعلّق الامر في «صلّ» نجد ان الحكم في الخطاب الاوّل يشتمل على تحريمات متعدّدة بعدد افراد الكذب وكل كذب حرام بحرمة تخصّه ، ولو كذب المكلّف كذبتين يعصي حكمين ويستحق عقابين ، وامّا الحكم في الخطاب الثاني فلا يشتمل إلا على وجوب واحد ، فلو ترك المكلّف الصلاة لكان ذلك عصيانا واحدا ويستحقّ بسببه عقابا واحدا ، وهذا من نتائج الشمولية في اطلاق متعلق النهي التي تقتضي تعدد الحكم والبدلية في اطلاق متعلّق الامر الذي يقتضي وحدة الحكم.
ولكن قد يتجاوز هذا ويفترض النهي في حالة لا يعبّر إلا عن
__________________
(١) ذكره في بحوثه ج ٢ ، ص ١٢١ وج ٣ ص ٤٣٠ ، وخلاصته ان الموضوع ـ كالعالم في قولنا مثلا «اكرم العالم» ـ يلحظ مفروض الوجود في المرتبة السابقة على الحكم اي تلحظ هذه القضية بنحو القضية الشرطية فيكون معناها «اذا كان العالم موجودا فاكرمه» وحيث ان له تطبيقات متكثرة فلا محالة يتعدّد الموضوع ويتكرّر وينحل الحكم بعدد تلك التطبيقات ، بينما المتعلّق يطلب ايجاده او اعدامه ، امّا الاوّل فان طلب ايجاد الطبيعة يكفي فيه ايجاد فرد واحد. وأمّا على الثاني فان الطبيعة لا تعدم إلا بانعدام كل افرادها ، فان قول المولى مثلا «لا تكذب» يعني ان كل فرد من افراد الكذب ذو مفسدة بحدّ ذاته.
(وقد) يقول المولى مثلا «اكرم عالما» فعالم هنا يدل على شخص واحد لدلالة التنوين على الوحدة.