افتراض انّ الحكم الظاهري حكم تكليفي [يجعله المولى على طبق مؤدّى الامارة أو مؤدّى الاصل العملي] ، وانّ حجّية خبر الثقة مثلا معناها جعل حكم تكليفي يطابق ما اخبر عنه الثقة من احكام ، وهو ما يسمّى بجعل الحكم المماثل ، فان اخبر الثقة بوجوب شيء ـ وكان حراما في الواقع ـ تمثّلت حجيته (١) في جعل وجوب ظاهري لذلك الشيء وفقا لما اخبر به الثقة ، فيلزم على هذا الاساس اجتماع الضدّين ، وهما الوجوب الظاهري والحرمة الواقعية.
ولكنّ الافتراض المذكور خطأ لانّ الصحيح انّ معنى حجية خبر الثقة مثلا جعله علما وكاشفا تامّا عن مؤدّاه بالاعتبار (٢) ، فلا يوجد حكم تكليفي ظاهري زائدا على الحكم التكليفي الواقعي ليلزم اجتماع حكمين تكليفيين متضادّين ، وذلك لانّ المقصود من جعل الحجيّة للخبر مثلا
__________________
الظاهرية والواقعية ـ منتهى الدراية ج ٤ ص ٢٢١) قال : «نعم لو قيل باستتباع جعل الحجيّة للاحكام التكليفية (الظاهرية) او بانّه لا معنى لجعلها إلا جعل تلك الاحكام (بالجعل الظاهري) ، فاجتماع حكمين وان كان يلزم إلّا انهما ليسا بمثلين او ضدّين ، لان احدهما طريقي عن مصلحة في نفسه ... (وهو التسهيل على المكلفين مثلا) والآخر واقعي حقيقي عن مصلحة او مفسدة في متعلقه ...»
(١) اي حجية خبر الثقة
(٢) كما يعتبر السكاكي استعمال ألفاظ التشبيه كلفظة شمس في قول الشاعر
جاءت تظللني من الشمس |
|
نفس أحب الى من نفسي |
جاءت تظللني ومن عجب |
|
شمس تظللني من الشمس |
استعمالا حقيقيا تنزيلا واعتبارا ، لا من باب المجاز اللغوي. (راجع إن شئت مصباح الاصول ج ٢ ص ١٠٤).