جعله منجزا للاحكام الشرعية التي يحكي عنها ، وهذا يحصل بجعله علما وبيانا تامّا ، لانّ العلم منجّز سواء كان علما حقيقة (* ١) كالقطع او علما بحكم الشارع كالامارة ، وهذا ما يسمّى بمسلك جعل الطريقية.
والجواب على ذلك انّ التضادّ بين الحكمين التكليفيين (* ٢) ليس بلحاظ اعتباريهما حتّى يندفع بمجرّد تغيير الاعتبار في الحكم الظاهري
__________________
«تنبيه» يحسن هنا ان نوضّح ولو باختصار مراد المحقق النائيني رحمهالله من طريقية الامارات فنقول : ذكر رحمهالله في اجود التقريرات ج ٢ ص ١٢ ما يلى :
«الثالثة : انّه ليس معنى حجيّة الطريق مثلا تنزيل مؤدّاه منزلة الواقع ، ولا تنزيل نفس الامارة منزلة القطع حتّى يكون المؤدّى واقعا تعبدا او تكون الامارة علما تعبدا ، بداهة ان دليل الحجيّة لا نظر له الى هذين التنزيلين أصلا ، وانما نظره الى إعطاء صفة الطريقية والكاشفية للامارة وجعل ما ليس بمحرز حقيقة محرزا تشريعيا. (نعم) لا بد وان يكون المورد قابلا لذلك بأن يكون له كاشفية عن الواقع في الجملة ولو نوعا ، إذ ليس كل موضوع قابلا لاعطاء صفة الطريقية والمحرزيّة له ، فما يجري على الالسن بان ما قامت البينة على خمريته مثلا خمر تعبدا او ان نفس البينة علم تعبدا فمما لا محصّل له وليس له معنى معقول ...»
وستأتي تكملة هذا البحث وستعرف فيها الاثر لهذا الكلام (فراجع مسألة وفاء الدليل بدور القطع الطريقي والموضوعي في هذا الجزء والركن الاوّل من أركان الاستصحاب)
__________________
(* ١) الاولى ان يعتبر بدل «حقيقة» واقعا ، جريا على المصطلح المعروف في البلاغة من التفريق بينهما ، لانّ العلم الحقيقي ـ عند النائيني ـ يشمل الواقعي والاعتباري.
(* ٢) الاولى حذف كلمة «التكليفيين» هذه ، إذ كون الحكم الظاهري تكليفيا محلّ كلام بل منع عند المحقّق النائيني كما عرفت في الصفحة الماضية.