فالجواب المذكور في افتراضه المصلحة في نفس الجعل غير تام ، ولكنه في افتراضه انّ الحكم الظاهري لا ينشأ من مبادئ في متعلّقه بالخصوص تام ، فنحن بحاجة اذن في تصوير الحكم الظاهري الى افتراض انّ مبادئه ليس من المحتوم تواجدها في متعلّقه بالخصوص لئلا يلزم التضادّ ، ولكنها في نفس الوقت ليست قائمة بالجعل فقط لئلّا يلزم تفريغ الحكم الظاهري من حقيقة الحكم ، وذلك بان نقول : انّ مبادئ الاحكام الظاهرية هي نفس مبادئ الاحكام الواقعية (*).
توضيح ذلك انّ كل حرمة واقعية لها ملاك اقتضائي ـ وهو المفسدة والمبغوضية القائمتان بالفعل ـ وكذلك الامر في الوجوب. وامّا الإباحة فقد تقدم في الحلقة السابقة ان ملاكها قد يكون اقتضائيا وقد يكون غير اقتضائي لانّها قد تنشأ من وجود ملاك في ان يكون المكلّف مطلق العنان ،
__________________
(*) الاهمّ. وهذا نفس كلام السيد الخوئي ص ٩٣ سطر ٢ ، ... اذ يقول : «ولكن المولى يجعل الحكم بنحو العموم فيما لم يتميّز واجد المصلحة عن غيره تحفظا على تلك المصلحة الموجودة في البعض. وقد وقع نظير هذا الحكم في الشرع المقدّس ويقع في العرف كثيرا. امّا في الشرع فكتشريع العدّة ، فان المصلحة فيه ـ وهي حفظ الانساب وعدم اختلاط المياه ـ وان لم تكن مطّردة في جميع موارد وجوبها ، الا انّ الشارع قد شرّعها بنحو العموم تحفّظا على تلك المصلحة المهمّة الموجودة في بعض الموارد ، فاكتفى في تشريع العدّة بوجود المصلحة النوعية وليس دائرا مدار المصلحة الشخصية. وامّا في العرف فكثيرا ما يتفق ذلك ، كما اذا علم المولى بانّ احدا يريد قتله في يوم معيّن فيأمر عبده بان لا يأذن لاحد في الدخول عليه في ذلك اليوم ، تحفظا على عدم دخول من يريد قتله ...».