وقد تنشأ من خلوّ الفعل المباح من اي ملاك. وعليه فاذا اختلطت المباحات بالمحرّمات ولم يتميّز بعضها عن البعض الآخر (* ١) لم يؤدّ ذلك الى تغيّر في الاغراض والملاكات والمبادئ للاحكام الواقعية ، فلا المباح بعدم تمييز المكلّف له عن الحرام يصبح مبغوضا ولا الحرام بعدم تمييزه عن المباح تسقط مبغوضيّته ، فالحرام على حرمته (* ٢) واقعا ولا يوجد فيه سوى مبادئ الحرمة ، والمباح على اباحته ولا توجد فيه سوى مبادئ الاباحة ، غير انّ المولى في مقام التوجيه للمكلّف الذي اختلطت عليه المباحات بالمحرّمات بين امرين : فاما ان يرخّصه في ارتكاب ما يحتمل اباحته ، واما ان يمنعه عن ارتكاب ما يحتمل حرمته ، وواضح ان اهتمامه بالاجتناب عن المحرّمات الواقعية يدعوه الى المنع عن ارتكاب كل ما يحتمل حرمته ، لا لانّ كل ما يحتمل حرمته فهو مبغوض وذو مفسدة ، بل لضمان الاجتناب عن المحرّمات الواقعية الموجودة ضمنها ، فهو منع ظاهري ناشئ من مبغوضيّة المحرّمات الواقعية والحرص على ضمان اجتنابها ، وحينئذ (* ٣) (فان) كانت الاباحة في المباحات الواقعية ذات ملاك لا اقتضائي فلن يجد المولى ما يحول دون اصدار المنع المذكور ، وهذا المنع سيشمل الحرام الواقعي والمباح الواقعي ايضا اذا كان محتمل الحرمة للمكلّف ، وفي حالة شموله للمباح الواقعي لا يكون
__________________
(* ١) ليس في النسخة الاصلية كلمة الآخر ، واثباتها أولى.
(* ٢) ولك ان تجعل بدل «حرمته» «مبغوضيّته» ، لانّ الكلام حول تغيّر المبادئ عند الجهل بالأحكام.
(* ٣) في النسخة الاصلية بدل حينئذ «وفي مقابل ذلك» ، وهو سهو من قلمه الشريف.