ويبدو من مدرسة المحقق النائيني (قدسسره) التمييز بين هذين القسمين على أساس ما هو المجعول الاعتباري في الحكم الظاهري (١) ، فان
__________________
وكذلك الامر بالنسبة الى الاصول العملية فانّ طهارة الثوب الثابتة بالاستصحاب مثلا ليست حكما ظاهريا ، وانما هذه الطهارة هي نتيجة الاستصحاب ، وقاعدة الاستصحاب هي الحكم الظاهري الذي شرّعه الله تعالى وجعله في اللوح المحفوظ.
(١) يظهر ذلك من قول المحقّق في اجود التقريرات ج ٢ ص ١٢ «وانما نظر الشارع الى اعطاء صفة الطريقية والكاشفية للامارة وجعل ما ليس بمحرز حقيقة محرزا تشريعيا» (*). واشار اليه فى المصباح ج ٢ ، ص ١٠٥ وشرحه مفصلا في تقريرات السيد الهاشمي ج ٦ ، ص ١٧٥ فما بعد.
__________________
(*) في الحقيقة انّ من يطالع مجموع ما ذكره المحقق النائيني رحمهالله يجد انّه لا يفرّق بين الامارات والاصول بكيفية صياغة الجعل فقط ، وانما يؤمن بوجود فرق ذاتي بينهما وهو ان يكون المورد المعطى له صفة الطريقية والكاشفية قابلا لذلك بان يكون له كاشفية عن الواقع في الجملة ولو نوعا ... وانّ السبب في جعل الاحتياط ـ مثلا ـ هو طريقي «لرعاية الحكم الواقعي المشكوك من جهة عدم امكان استيفاء نفس الغرض الواقعي ...» (ص ١١ ـ ١٢ و ٨٤ من اجود التقريرات ج ٢) ، نعم هذه التفرقة لا تفي بجعل مثبتات الامارة حجّة ، بل هناك فرق اعمق مما ذكره (قدسسره). ثم يضيف المحقّق النائيني قائلا ـ ص ٦٦ ـ «لو كان حكم الشارع بوجوب ما ادّت الامارة الى وجوبه او بحرمة ما ادّت الى حرمته حكما واقعيا فلا بدّ وان ينشأ عن ملاك ملزم يقتضيه كما هو الحال في بقية الاحكام الالزاميّة على ما هو التحقيق عندنا من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات ، وأمّا اذا كان حكما ظاهريّا ناشئا من تحفّظ الشارع على احكامه الواقعيّة الموجودة في جملة من موارد الطرق الغير عمليّة (أي الامارات) الغير ممتازة عن موارد خطئها فلا يلزم كونه ناشئا عن ملاك ملزم في كل مورد مورد ، بل يكفي