__________________
الشهيد (قده) ـ هو قوام حجيّة الامارة ، وكان الاولى ان يقول «وبذلك تصبح الامارة حجة لانّ الشارع المقدّس راى ان احتمال اصابتها للواقع غالب وفي أكثر الموارد».
والامارية لا تحتاج الى جعل ، فالقياس امارة وكذلك الاستحسان والشهرة. ثمّ ان السيد الخوئي رضوان الله عليه قد ذكر انّ علّة جعل الامارات هو تحفظ المولى على غرضه المهم اي المصلحة الملزمة الموجودة في بعض الافراد ، وكذلك قال بالنسبة الى الاصول ، اذ قال انّ الملاك في جعل الاحتياط مثلا هو الحفاظ على ملاكات الاحكام الالزامية ، والملاك في جعل البراءة هو الحفاظ على سهولة الشريعة وهكذا غيرهما ... راجع إن شئت مصباح الاصول ج ٢ من ص ٩٢ الى ص ٩٤ ، ومثله قال المحقق النائيني والشيخ المظفر (راجع اجود التقريرات ج ٢ ص ٧٨ سطر ٦ واصول الفقه ج ٣ ص ٤٠)
وهذا من جهة ، ومن جهة أخرى نقول في التفرقة بين الامارة والاصل ما يلي :
أولا : انه لم يرد عنوانا الامارة والاصل في شرعنا الحنيف بالشكل الذي اصطلح عليه علماؤنا لكي نبحث عن حقيقتهما ونحو ذلك ، انما احتجنا الى التفرقة بينهما من باب اختلاف آثارهما من حجية المثبتات في الامارة دون الاصل.
ثانيا : وعلى ضوء الكلمة الاولى وتحليلا لسببها نقول ان الامارة ـ مع غضّ النظر عن جعل الشارع الحجية لها ـ تحكي عن الواقع بما في ذلك المداليل الالتزامية العقلية ، فعند ما يعتبرها الشارع المقدّس حجّة فان العرف يفهم من ذلك حجية ما تدلّ عليه بالمطابقة والالتزام ، وهذا امر واضح عند العقلاء ، ومن هنا ترى علماءنا لا يتردّدون في القول بحجيّة مثبتات الامارات.
وامّا الاصول كالطهارة مثلا فهي امور تعبّدية بحتة ، فاذا تعبّدنا الشارع المقدّس بطهارة لحم وجد في صحراء فان هذا لا يعني انّه تعبّدنا بتذكيته ، إذ يمكن الفصل بينهما ، لان الحكم بالطهارة والحكم بعدم التذكية مجرّد حكمين تعبديين اعتباريين غير ناشئين من الملاك الواقعي حتّى يقال بضرورة تلازمهما. بل هذا امر غير عزيز في الشرع المقدّس ، ألا ترى ان الشارع المقدّس قد حكم باخوّة الرضيع مع ابناء صاحب اللبن دون اخوته على ما حكي عن أكثر الفقهاء ، بل قيل لا خلاف في ذلك.