وهناك فوارق بين القضيّتين : منها ما هو نظري ، ومنها ما يكون له مغزى (*) عملي.
فمن الفوارق اننا بموجب القضية الحقيقية نستطيع ان نشير الى اي جاهل ونقول : لو كان هذا عالما لوجب اكرامه ، لانّ الحكم بالوجوب ثبت على الطبيعة المقدّرة ، وهذا مصداقها ، وكلّما صدق الشرط صدق الجزاء ، خلافا للقضيّة الخارجيّة (١) التي تعتمد على الاحصاء الشخصي للحاكم ، فانّ هذا الفرد الجاهل ليس داخلا فيها لا بالفعل ولا على تقدير ان يكون عالما ، امّا الاوّل فواضح ، وامّا الثاني فلانّ القضيّة الخارجية ليس فيها تقدير وافتراض بل هي تنصبّ على موضوع ناجز.
ومن الفوارق انّ الموضوع في القضيّة الحقيقية وصف كلّي دائما ،
__________________
ذهن المولى ، وانما الحرام هو مصداق عنوان الخمر وهو الخمر الخارجي ، فكلمة «الخمر» في قول المولى «الخمر حرام» مرآة عن الخمر الخارجي ، وهذا الحمل هو ما يعبّر عنه بالشائع الصناعي ، ومثال الثاني «اذا بلغ الانسان وكان عاقلا مستطيعا فقد وجب عليه الحج» ، فانّ تحقّق الموضوع في الخارج كالخمرية والبلوغ والعقل والاستطاعة هو الذي يجعل الوجوب فعليا ، فالمنظور من الخمر في قولنا «الخمر حرام» هو عنوان الخمر ، أي اذا كان المائع خمرا فشربه حرام ، ممّا يعني ان القضايا الحملية القانونية كقضيّة «الخمر حرام» هي روحا قضايا شرطية. والمسألة واضحة يكفي لها الاشارة السانحة.
(١) نحو «اكرم هؤلاء العلماء»
__________________
(*) لا نعرف في اللغة العربية لفظة «مغزى» رغم اشتهار استعمالها في زماننا ، والظاهر انها فارسية الاصل ، وانّ اصلها «مغز» اي عقل ولبّ