وما ورد من تعليل خلود أهل النار في النار وخلود أهل الجنّة في الجنّة بعزم كلّ من الطائفتين على الثّبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة لو خلّدوا في الدنيا.
______________________________________________________
لكن ربما يقال : ان المراد بالحديث : انه يظهر بواطنهم لا انهم يعاقبون على نية السوء ، كما قال سبحانه : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ)(١).
(وما ورد من تعليل خلود اهل النار في النّار وخلود اهل الجنّة في الجنّة) مع انهم لم يعصوا ولم يطيعوا إلّا سنين معدودة فقط ، فاللازم ان يكون العقاب والثواب بقدر تلك السنين لا ازيد ، وانما الزائد (ب) سبب (عزم كل من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة ، لو خلدوا في الدنيا) (٢) فالخلود في الآخرة للنية لا للعمل.
لكن ربما يقال : ان خلود اهل الجنّة فضل ، ولا اشكال عقلا في اعطاء الفضل بسبب النيّة ، اما النار فهي بمقتضى العدل والعدل لا يكون اكثر من استحقاق الذنب.
وعليه : فاللازم عند العقلاء ان يكون العقاب بقدر المعصية.
وقد ايّده الشرع بقوله سبحانه : (جَزاءً وِفاقاً)(٣) الى غيرها من الآيات والروايات ، فالخلود انما يكون مع العناد حتى في النار ، كما في دعاء الكميل «وأن تخلّد فيها المعاندين» (٤) فاذا رفع المعاند يده عن عناده ، اخرج من النار.
لكن الذي يمكن ان يقال : هو انه لا اشكال في الخلود ، بل ادعى
__________________
(١) ـ سورة الطارق : الآية ٩.
(٢) ـ المحاسن : ص ٣٣١ ح ٩٤.
(٣) ـ سورة النبأ : الآية ٢٦.
(٤) ـ مفاتيح الجنان : ص ٨٨.