ومن هذا القسم علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق.
______________________________________________________
والاحساس : هو ما يدرك بالحواس الخمس ، والتجربيّات قريبة من الاحساس ، فانها وان لم تكن حسية إلّا ان آثارها الحسية تجعلها قريبة من الحس ، مثل : آثار الادوية ، فان الاهليلجة ـ مثلا ـ مسهلة لكن خاصيتها لا تحس ، وانما يحس مفعولها ، ولذا لا يشك طبيب في انها مسهلة ، وكذا ان الدار لها بان ، فان الانسان وان لم يشاهد بانيها فرضا لكن دلالة الاثر على المؤثر شيء مقطوع به ، ولذا لا يشك فيه احد ، الى غير ذلك من الامثلة.
(ومن هذا القسم علم الهندسة) «الهندسة» معرّب : «اندازه» ، مثل : الحصول على مساحة المربع من ضرب احد ضلعيه في الآخر (والحساب) مثل الجمع والطرح ، والضرب ، والتقسيم ، فان قواعدها الكلية ليست حسية لا في الهندسة ولا في الحساب ، الّا ان الصغريات المشاهدة بمعونة العقل تعطي الكلية.
هذا ، ولقد ذكرنا الصغريات حتى نجعلها قريبة من الحس ، وإلّا فالكليات تدرك بالعقل بدون الاحتياج حتى الى صغريات وذكر الصغريات من باب التمرين وسرعة الانتقال.
(و) كذا حال (اكثر ابواب المنطق) فانها من القريبة الى الحس ، مثل : مباحث الكلي ، والجزئي ، والتصور ، والتصديق ، والعكس ، والنقيض ، وما اشبه ، فانا نرى انه اذا قيل : كل من في الدار رجل ، ورأينا امرأة فيها ، نقول : هذه الكلية غير صحيحة ، لان السالبة الجزئية نقيض الموجبة الكلية ، وهكذا.
فالمادة القريبة من الحس ، هي الكلية التي رأينا بالحس صغراها ، وذلك كما ذكرناه في الحساب والهندسة.
وانما قال : اكثر ابواب المنطق ، لان بعض ابوابها ليست كذلك ، لان المظنونات