وأمّا فيما يحتاج إلى قصد الاطاعة ،
______________________________________________________
الذي ذكرناه من الشبهة الموضوعية ، علما بان ميزان الشبهة الموضوعية هو : ما يحتاج لمعرفته الى استطراق باب العرف ، فاذا أردنا ان نعرف أيّ الماءين مطلق ، وايهما مضاف؟ يلزم ان نسأل العرف ، اما الشبهة الحكمية ـ وميزانها مراجعة الشرع واستطراق بابه لمعرفتها ـ فمثل ان لا نعلم هل الشارع حكم بنجاسة بول الحمار ، او بول الهرة؟ وقد بال الحمار على ثوب ، والهرة على ثوب آخر ، فانا اذا غسلناهما كان امتثالا اجماليا ، فانه جائز وان امكن مراجعة الفقيه ، حتى نعلم الحكم تفصيلا.
(واما فيما يحتاج) سقوط التكليف فيه (الى قصد الاطاعة) والقربة ، وهو المسمّى في الاصطلاح : بالتعبدي ، من «عبّد».
هذا وان كان التوصلي ايضا تعبديا بالمعنى اللغوي ، إلّا ان التوصلي انّما هو امر عقلي للوصول الى هدف يعرفه العقل ، فانه حتى لو لم يكن شرع الزم به العقل في الجملة ، كجميع ابواب المعاملات ، وابواب الطهارة والنجاسة ، والمعاشرات : كحقوق الجيران ، والاولاد ، والآباء ، والاقرباء ، والاصدقاء ، والفرقاء ، وغيرها ، من الحقوق ، مما ذكروه في الآداب ، وقد جمعنا جملة منها في كتاب : «الآداب والسنن» (١).
بينما لو لم يكن الشرع ، لم يكن التعبديات امثال الصلاة ، والصوم ، والحج ، والاعتكاف ، والوضوء ، والغسل ، والتيمم ، وما اشبه ذلك.
نعم ، لا شك في ان العقل كان يدرك الخضوع للمنعم في الجملة لكن لا على
__________________
(١) ـ انظر موسوعة الفقه : ج ٩٤ ـ ٩٧ للشارح.