لأنّ الحجّة عبارة عن الوسط الذي به يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر ، ويصير واسطة للقطع بثبوته له ، كالتغيّر لاثبات حدوث العالم.
فقولنا : «الظنّ حجّة ، او البيّنة حجّة ، او فتوى المفتي
______________________________________________________
لان المولى والعبد يحتج كل منهما على الآخر بالقطع وبسائر الامارات ، إلّا ان كونه طريقا في الاول ذاتي ، وفي الثاني عرضي ـ هذا بناء على المعنى اللغوي للحجة ـ اما المعنى الاصطلاحي للحجة ، فهو ما ذكروه في المنطق من : «الاوسط» الذي يجعل الاكبر في الكبرى محمولا على الاصغر في الصغرى ، مثلا يقال : العالم متغيّر ، وكل متغيّر حادث (لان الحجّة ، عبارة عن الوسط الذي به يحتج على ثبوت الاكبر للأصغر) وانما سمي الاول اصغر ، لانه فرد من الافراد ، ويسمى الثاني بالاكبر ، لانه كلي يشمل الاصغر وغير الاصغر من الافراد ، ففي المثال المتقدّم ، العالم فرد من افراد المتغيّر ، ولذا تسمى المقدمة الاولى : بالصغرى والمقدمة الثانية : بالكبرى (ويصير) هذا الوسط (واسطة للقطع بثبوته) اي ثبوت الاكبر (له) اي للاصغر ، فانّ قطعنا : بان العالم حادث ، انما جاء من جهة الوسط ، الذي هو «متغير» (كالتغير لاثبات حدوث العالم).
اقول : لا فرق بين الواسطة في الثبوت ، او في النفي ، مثلا يقال : هذا فرس ، والفرس ليس بناطق ، فهذا ليس بناطق ، فعدم النطق ثبت على هذا بواسطة الوسط ، الذي هو «فرس».
والاقسام في المنطق تحصل من ضرب «الاصغر» و «الاوسط» الاول و «الاوسط» الثاني ، و «الاكبر» ايجابا في كل واحد ، أو سلبا في كل واحد في الآخر ، فقد يقال «العالم» وقد يقال : «غير العالم» وهكذا يأتي السلب والايجاب في الاوسطين ، وفي الاكبر (فقولنا : الظن حجة ، او البينة حجة ، او فتوى المفتي