بمقتضى العمل بخبر الفاسق فتندموا على فعلكم بعد تبيّن الخلاف. ومن المعلوم أنّ هذا لا يصلح إلّا علّة لحرمة العمل بدون التبيّن. فهذا هو المعلول ، ومفهومه جواز العمل بخبر العادل من دون تبيّن.
مع أنّ في الأولوية المذكورة في كلام الجماعة ، بناء على كون وجوب التبيّن نفسيّا ، مما لا يخفى ،
______________________________________________________
بمقتضى العمل بخبر الفاسق ، فتندموا على فعلكم بعد تبيّن الخلاف) لأنهم بسبب خبر الوليد ، أرادوا قتال بني المصطلق ، كما سبق في وجه نزول هذه الآية المباركة ، وقوله : «بعد تبيّن» متعلق ، بقوله : «تندموا» لأنّ النّدم إنّما يكون بعد التبيّن.
(ومن المعلوم : إنّ هذا) أي : النّدم بعد التبيّن (لا يصلح إلّا علّة لحرمة العمل بدون التبيّن) فانّه اذا لم يكن عمل ، لم يكن ندم.
(فهذا) أي : حرمة العمل بخبر الفاسق ، بلا تبين ولا تثبّت (هو المعلول) للتبيّن والتثبّت ، فالتبيّن علّة ، وعدم النّدم معلول (ومفهومه جواز العمل بخبر العادل من دون تبيّن) لأنّ الأمر دائر بين العمل بالمفهوم أو المنطوق ، فالعمل بالمنطوق يحتاج الى التبيّن ، والعمل بالمفهوم لا يحتاج الى التبيّن.
(مع انّ في الأولوية) أي : أسوئية خبر العادل من الفاسق (المذكورة في كلام الجماعة ـ بناء على كون وجوب التبيّن نفسيا ـ مما لا يخفى).
فانّه لا يلزم أن يكون خبر العادل أسوأ من خبر الفاسق ، فاذا فرض انّ التبيّن عن خبر الفاسق واجب نفسي ، لا مقدميّ لأجل العمل ، لم تدلّ الآية على انّ العمل بخبر الفاسق يحتاج إلى التبيّن أم لا ، فيكون خبر العادل والفاسق متساويين من هذه الجهة لسكوت الآية عنهما في صورة إرادة العمل بواحد منهما.