ولهذا صحّ ذلك فيما يطلب فيه العلم. فليس في هذه الآية تخصيص للأدلّة الناهية عن العمل بما لم يعلم ولذا
______________________________________________________
(ولهذا) أي : لعدم المنافاة بين مطلوبية الانذار والحذر وبين اعتبار علم المنذرين ـ بالفتح ـ (صح ذلك) أي : استعمال هذه الآية المباركة (فيما يطلب فيه) عقلا وشرعا (العلم) كمعرفة الامام عليهالسلام.
ولهذا استدل الأئمة عليهمالسلام بهذه الآية المباركة على معرفة الامام ، ومن الواضح :
انّ معرفة الامام إنّما تكون بالعلم لا بالخبر الواحد ـ كما قرر في اصول الدين ـ لأنّها يجب ان تكون عن اعتقاد وعلم ، ولا يكفي فيها مجرد الظنّ ، أو خبر الواحد ، أو الشهرة ، أو ما اشبه ذلك.
إذن : (فليس في هذه الآية) المباركة ، بعد ان عرفت سكوتها عن اعتبار حصول العلم وعدمه (تخصيص للأدلّة النّاهية عن العمل بما لم يعلم) مثل :
قوله سبحانه : ـ (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١).
وقوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) (٢).
وقوله عزوجل (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (٣).
ولو كانت هذه الآية ، دالة على حجّية خبر الواحد وان لم يحصل العلم بسببه ، كانت هذه الآية مخصصة للآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، أو الآمرة بالعمل بالعلم ، مع إنها ليست مخصصة لها.
(ولذا) أي : لأجل إنّ مطلوبية الانذار والحذر في الآية المباركة ، لا ينافي اشتراط
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ٣٦.
(٢) ـ سورة النجم : الآية ٢٨.
(٣) ـ سورة محمد : الآية ١٩.