لذلك ، فيجب أن يقابل هذا بالاجتهاد في الدعوة ، ليقوم بأعبائها وحده ؛ ثم عاد إلى تلك الدلائل فذكر أنه هو الذي أجرى البحرين في مجاريهما بحيث يلتقيان ، وأنه فصل بينهما بقدرته فبقي هذا عذبا وذلك ملحا ، إلى غير هذا مما ذكره من دلائل عظمته وقدرته.
ثم أشار إلى أنهم لا يتأثّرون أيضا بهذه الأدلة الظاهرة على توحيده ، فيعبدون من دونه ما لا ينفعهم ولا يضرّهم ، ثم ذكر أنه لا شيء عليه من إعراضهم عنها ، لأنه لم يرسله إلا مبشّرا ونذيرا ، ولا يسألهم على ذلك من أجر ، إلا من شاء أن يتقرّب بالإنفاق إلى ربه ، ثم أمره أن يتوكل عليه في مجاهدتهم ودعوتهم ، وذكر ما ذكر من عظمته وقدرته ليدل على أن من توكل عليه يكفيه عن غيره. ثم ذكر أنهم مع عبادتهم ما لا ينفعهم ولا يضرّهم ، إذا قيل لهم : اسجدوا للرحمن ، قالوا وما الرحمن ، عتوّا وتكبّرا ، واستعظموا أن يسجدوا لما يأمرهم مثله بالسجود له ، ثم ذكر سبحانه ، من أدلة عظمته وقدرته ، أنه جعل في السماء بروجا وهي منازل السيارات ، إلى غير هذا مما لا يصح معه أن يتكبّروا عن السجود له ، ثم ذكر أن للرحمن عبادا غيرهم لا يتكبّرون مثلهم ، بل يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، إلى غير هذا من صفاتهم. ثمّ ختمت السورة بتحقير المتكبّرين وتهديدهم على تكذبيهم ، فقال تعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧).