أدلة القرآن على وجود الله
في ختام سورة النمل نجد آيات قوية تتحدث عن قدرة الله ومظاهر العظمة والقدرة في هذا الوجود.
* * *
لقد استعرضت السورة في بدايتها حلقات من قصص موسى وداود وسليمان وصالح ولوط ، عليهمالسلام جميعا ، استغرقت الآيات [٧ ـ ٥٩].
أما الآيات الأخيرة في السورة [٦٠ ـ ٩٣] ، فإنها تجول جولة هادفة في تثبيت العقيدة ، جولة في مشاهد الكون وأغوار النفس وأطواء الغيب ، وفي أشراط الساعة ، ومشاهد القيامة ، وأهوال الحشر ، التي يفزع لها من في السماوات والأرض إلّا من شاء الله.
في هذه الجولة الأخيرة ، يستعرض القرآن أمام الناس مشاهدات في صفحة الكون وفي أطواء النفس ، لا يملكون تعليلها بغير التسليم بوجود الخالق الواحد المدبّر القدير.
ويتوالى عرض هذه المشاهدات في إيقاعات مؤثّرة ، تأخذ عليهم أقطار النفس وأقطار المشاعر ، وهو يطرح عليهم أسئلة متلاحقة : من خلق السماوات والأرض؟ من أنزل من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة؟
من جعل الأرض قرارا ، وجعل خلالها أنهارا ، وجعل لها رواسي ، وجعل بين البحرين حاجزا؟ من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ من يجعلكم خلفاء الأرض؟ من يهديكم في ظلمات البر والبحر؟ من يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ؛ من يبدأ الخلق ثم يعيده؟ من يرزقكم من السماء والأرض؟ وفي كل مرة يقرّعهم : أإله مع الله؟ وهم لا يملكون أن يقولوا : إن إلها مع الله يفعل شيئا من هذا كله ، وهم مع هذا يعبدون أربابا من دون الله!
وعقب هذه الإيقاعات القوية التي تقتحم القلوب ، لأنها إيقاعات كونية تملأ صفحة الوجود من حولهم ، أو إيقاعات وجدانية يحسونها في قلوبهم ، يستعرض تكذيبهم بالآخرة وتخبّطهم في أمرها ، ويعقّب عليه بتوجيه قلوبهم إلى مصارع الغابرين الذين كانوا مثلهم يكذبون ويتخبطون.
ويخلص من هذا إلى عرض مشهد الحشر وما فيه من هول فزع ، ويرجع