أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي أجرا ، لأن «من» لتأكيد النفي وعمومه. وقال في آية أخرى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] فأثبت سؤال الأجر عليه؟
قلنا : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) [سبأ : ٤٧] رواه مقاتل والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والصحيح الذي عليه المحققون أنها غير منسوخة ، بل هو استثناء من غير الجنس ، تقديره : لكن أذكركم المودة في القربى.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤) ولم يقل أئمة؟
قلنا : مراعاة لفواصل الآيات ، وقيل تقديره : واجعل كل واحد منا إماما.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) (٧٥) وهما بمعنى واحد ، ويؤيده قوله تعالى (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) وقوله (ص) «تحيّة أهل الجنة في الجنة سلام».
قلنا : قال مقاتل : المراد بالتحية سلام بعضهم على بعض ، أو سلام الملائكة عليهم ، والمراد بالسلام أن الله تعالى سلّمهم ممّا يخافون وسلّم إليهم أمرهم.
وقيل : التحية من الملائكة أو من أهل الجنة ، والسلام من الله تعالى عليهم ، لقوله تعالى : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٨) [يس]. وقيل التحية من الله تعالى لهم بالهدايا والتحف والسلام بالقول. وقيل : التحية الدعاء بالتعمير ، والسلام الدعاء بالسلامة ، فمعناه أنهم يلقون ذلك من الملائكة أو بعضهم من بعض ، أو يلقون ذلك من الله تعالى ، فيعطون البقاء والخلود مع السلامة من كل آفة.